التحولات السياسية والاجتماعية في إسرائيل عشية عام 2025

تشير البيانات المستندة إلى استطلاعات الرأي العام في إسرائيل إلى وجود حالة من عدم الرضا عن الأداء الحكومي، مع وجود اتجاهات واضحة في التطورات الاجتماعية والسياسية. على سبيل المثال، يشعر 47% من الإسرائيليين بالقلق من أن إجراء صفقة تبادل قد يؤدي إلى تفكك الحكومة. وبناءً على ذلك، يعتقد قسم كبير من الجمهور (48%) أن رئيس الوزراء نتنياهو يؤجل عقد صفقة التبادل لهذا السبب. لذلك، يُقيّم 68% من المواطنين أداء الحكومة بشكل سلبي، مما يعكس أزمة ثقة وقلقاً حيال الوضع السياسي والاجتماعي ومصير الدولة ككل. كما تعكس هذه الحالة الهجرة المعاكسة للنخب والعقول. فعلى سبيل المثال، من كل عشرة أطباء يسافرون للتخصص في أوروبا وأمريكا، يعود إلى إسرائيل ثلاثة منهم فقط. وبرأي هؤلاء، يعود السبب في ذلك إلى الأوضاع السياسية التي أوجدتها الحكومة الحالية، بما في ذلك مشروع “الثورة القضائية”، وفقدان الأمن والأمان بسبب الحرب. وبالتالي، ينتظر كثير من الإسرائيليين نتائج انتخابات 2026 ليقرروا ما بين الهجرة أو البقاء. واقع تعكسه نتائج الاستطلاعات الأخيرة لقناة 12، والتي سلطت الضوء على المقارنة بين مشاركة “نفتالي بينت” في الانتخابات القادمة أو عدمها. يتبين من الاستطلاع أنه في حالة إجراء الانتخابات اليوم بدون مشاركة نفتالي بينت، يحصل حزب الليكود على 23 مقعداً، والمعسكر الرسمي على 19 مقعداً، وحزب يوجد مستقبل على 15 مقعداً ، وحزب إسرائيل بيتنا على 14 مقعداً، والديمقراطيون على 11 مقعداً ، وحزب شاس على 9 مقاعد، وقوة يهودية على 8 مقاعد، وحزب يهودية التوراة على 7 مقاعد، والجبهة والعربية على 5 مقاعد، والمشتركة على 5 مقاعد أيضًا، بينما يحصل الصهيونية اليهودية على 4 مقاعد، والتجمع يقترب من حصة الأربعة مقاعد. تعكس هذه النتائج انقسام الكتل إلى مؤيدي نتنياهو (51 مقعداً) ومعارضيه (64 مقعداً) دون احتساب الجبهة.

تظهر هذه النتائج أن معارضي نتنياهو يتفوقون على مؤيديه بفارق 13 مقعداً، مع حزب المشتركة بقيادة منصور عباس وبدون الجبهة. هذه البيانات تشير إلى قوة المعارضة وقدرتها على تشكيل حكومة بديلة إذا ما تم التنسيق بين الأحزاب وضمن تكوين الحكومة القائمة المشتركة. الجديد في هذا الاستطلاع هو اقتراب حزب التجمع الوطني الديمقراطي من نسبة الحسم، وإذا تحقق ذلك، ستكون قوة الأحزاب العربية 14 مقعداً . وفي حالة وحدتهم ووصول نسبة تصويتهم إلى 73% على الأقل، ستكون قوتهم أكبر وسيتعذر على أي طرف من الكتل الصهيونية تشكيل الحكومة القادمة بدونهم إذا لم يشارك نفتالي بينت في الانتخابات.
ومع ذلك، فإن الساحة السياسية والحزبية ستتغير تماما ًفي حالة مشاركة اليميني المتشدد، رئيس الحكومة الأسبق نفتالي بينيت. في حالة كهذه، تشير نتائج الاستطلاع إلى حصول الليكود على 22 مقعداً، ونفتالي بينيت على 21 مقعداً ، والمعسكر الرسمي على 12 مقعداً ، وحزب يوجد مستقبل على 11 مقعداً، وحزب إسرائيل بيتنا على 10 مقاعد، والديمقراطيون على 10 مقاعد، وحزب شاس على 9 مقاعد، وقوة يهودية على 8 مقاعد، ويهودية التوراة على 7 مقاعد، والجبهة والعربية على 5 مقاعد، والمشتركة على 5 مقاعد ايضاً ، والصهيونية اليهودية على 3%، وكذلك التجمع على 3%. في مثل هذه الحالة، ستكون قوة الكتلة المؤيدة لبنيامين نتنياهو 46 مقعداً ، والمعارضة له 69 مقعداً دون الجبهة.
بالإجابة على سؤال من هو الأنسب لتولي رئاسة الحكومة، يتفوق نتنياهو على جميع منافسيه في حالة عدم مشاركة بينيت. ومع ذلك، تنقلب الصورة تماماً في حالة مشاركة نفتالي بينيت، حيث يحصل نتنياهو على 32% وبينيت على 40% من نتائج التصويت لرئاسة الحكومة. هذه النتيجة تتعزز مع كل موقف متشدد ومتطرف أكثر لبينيت، مما يعزّز فرصته في انتخابات 2026 ليكون بديلاً محتملاً لنتنياهو، وهذا يعني قلب الخارطة السياسية في إسرائيل رأساً على عقب على مستويين: كتلة الحكومة ورئاستها. بحسب هذا الاستطلاع، يحصل نفتالي بينيت على مقاعده البالغة 21 من اليمين، بدءًا من حزب الديمقراطيين وصولاً إلى الليكود. وبهذا تصبح كتلة حكومته 69 مقعداً مع المشتركة وبدون الجبهة، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية انضمام حزب الليكود وغيره إليه إذا خسر نتنياهو الانتخابات. معنى ذلك أن بينيت يستطيع تشكيل حكومته اليمينية والتي لن تقل تطرفاً عن الحكومة الحالية، بدون المشتركة بقيادة منصور عباس سواء كان ذلك مع دعم الليكود أو بدونه.

خلاصة القول:
يواجه نتنياهو مأزقاً سياسياً حقيقياً رغم مكاسبه الكبيرة على الجبهة العسكرية. ومع ذلك، لن تستبدل إسرائيل نتنياهو إلا بمن هو أكثر تطرفاً وتشدداً منه، مثل نفتالي بينيت. مواقف بينيت معروفة بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وحقوق الفلسطينيين بين النهر والبحر. وهذه رسالة للأحزاب العربية: توحدوا وللجمهور العربي: اخرجوا للتصويت في انتخابات عام 2026، لأن الحصول على 20 مقعداً في الكنيست قد يغير موازين السياسة الإسرائيلية بشرط بناء وتوحيد المجتمع الفلسطيني ، وتمكينه سياسياً واجتماعياً ، ورفع جاهزيته لمواجهة التحديات القادمة، وهي كثيرة وخطيرة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *