الانتخابات والمسألة الوطنية
أصبحت الانتخابات هي سيدة المشهد بوصفها المخرج لإنهاء حالة الانقسام وإعادة تجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني بعد أن لم تنجح الحوارات المتعددة لإنهاء الانقسام ومعالجة إثارة وتتويج ذلك بالانتخابات.
ركزت حوارات القاهرة الاخيرة على موضوع الانتخابات على المستوى التقني والفني ورفعت توصيات ترمي الي تعديل قانون الانتخابات ومنها تخفيض سن الترشيح للشباب وضمان كوتا للنساء بنسبة 30%والغاء شرط الموافقة للترشح من قبل العاملين بالوظيفة العمومية والمؤسسات الأهلية والاتفاق على تشكيل محكمة قضايا الانتخابات كمصدر وحيد للحكم بالطعون وغيرها من مخاطر التجاوزات.
ورغم التقدم الإيجابي بهذا المجال الا انه لم يجر الأخذ بعين الاعتبار بهذه التوصيات التي تعكس حالة من شبة الاجماع للإرادة الوطنية بما تمثله الفصائل المجتمعة بالقاهرة اضافة الي مطالب منظمات المجتمع المدني.
يستغرب العديد من المتابعين والمراقبين للشأن الوطني والسياسي الفلسطيني عدم نقاش المسألة الوطنية في إطار التحديات الوجودية التي تواجه الشعب الفلسطيني.
وعليه فلم يتم الاجابة على سؤال اي برنامج سياسي نريد بالمرحلة القادمة خاصة إذا أدركنا أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد والمنتخب (بايدن)يريد إعادة إدارة الأزمة عبر استئناف المفاوضات وليس العمل على حلها.
وإذا اراد الحزبيين الكبيرين اي فتح وحماس العمل على تجديد الشرعية لهما وهذا حق طبيعي عبر صندوق الاقتراع فمن الضروري ربط ذلك بالمشروع الوطني اولا والعمل علي تجاوز الترسبات والأزمات الناتجة عن الانقسام.
ولكن الخشية تكمن بإعادة إنتاج القديم وإبقاءه على ما هو عليه. وعليه فمن الهام بجلسة الحوار القادمة تناول مسألة الانتخابات ودمجها مع المشروع الوطني وذلك بالاستناد لقرارات الإجماع الوطني التي أصلتها قرارات المجلسين الوطني والمركزي بالتحرر من اتفاق أوسلو وبرتوكول باريس الاقتصادي والذي أكدته القيادة الفلسطينية في 19/5/2020والداعي الي التحلل من الاتفاقات السابقة مع كل من دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية وهذا ما اكدة ايضا اجتماع الأمناء العامين بين رام الله وبيروت.
وإذا كان من الضروري الاستمرار بهذا النهج الذي توافقت علية الفصائل فمن الهام بذات الوقت التفكير بالآليات الضروري واللازمة لإنهاء تداعيات الانقسام.
أن حكومة وحدة شكلانية تتشكل بعد انتهاء الانتخابات ليست المخرج بل يكمن ذلك بتشكيل حكومة وحدة حقيقية قادرة بالفعل ليس على إعادة استنساخ وانتاج الحالة السابقة والتي ستؤدي الي إدارة الانقسام بل العمل الجاد لإنهائه لنصبح امام حكومة واحدة وأمام منظمة الحرية تقود الكفاح الوطني وتعبر عن الهوية الوطنية الجامعة لشعبنا في كافة أماكن تواجده بما يفترض السعي الجاد لتمثيل الشتات بالمجلس الوطني بوصفة البرلمان الاشمل لشعبنا.
ان الذهاب للانتخابات يجب ألا يحيدنا عن قضايانا المصيرية مثل مواجهة سياسة الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وحصار قطاع عزة الأمر الذي يفترض العمل على بلورة الهيئات والأدوات القادرة على التصدي لهذه المعضلات حيث يجب أن تبقي القضية الوطنية في صدارة الاهتمام.
وإذا كان المشهد الانتخابي مازال يشهد حالة من التقارب بين الحزبين الكبيرين فتح وحماس او التفاهم المشترك بينهما فقد بات من الضروري والملح العمل على بلورة تيار وطني ديمقراطي واسع وعريض يستطيع أن يشق مجري جديد بالنظام السياسي الفلسطيني.
ان التيار الوطني والديمقراطي يشترط به الابتعاد عن تأثيرات المال السياسي بأبعادها الإقليمية والدولية ويعتمد على استقلاليته المالية والإدارية وان يتحلى بالنزاهة والمصداقية ويقدم المصلحة العامة عن المصالح الذاتية والفئوية.