الانتخابات والتحريض الإسرائيلي ضد المقاومة
في الوقت الذي تنشط فيه الساحة الحزبية الإسرائيلية استعداداً لانتخابات الكنيست المزمع عقدها في الأول من تشرين ثاني/نوفمبر المقبل، وعقد التحالفات وتشكيل المعسكرات، التي لم تغير في المشهد السياسي الإسرائيلي.
والمؤشرات باستمرار الأزمة السياسية، وغياب التفاؤل باحداث استقرار سياسي، تستمر دولة الاحتلال في سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية المحتلة،والاقتحامات اليومية لقوات الاحتلال في المخيمات والقرى الفلسطينية وتنفيذ الاعتقالات الجماعية اليومية وهدم البيوت، وتجريم منظمات حقوق الانسان واقتحامها، واستباحة مدن الضفة، وعمليات القتل والاغتيالات، وزيادة عدد الشهداء. إضافةً إلى جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين والاستيلاء على الاراضي وطرد السكان، وقربة مسافر يطا نموذج لسياسة التهجير القسري والفصل العنصري.
خلال الأيام الماضية نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية وبشكل لافت، لا يخلو من التحريض، تقارير لمراسلين عسكريين وأمنيين، استناداً لمعلومات جهاز الأمن العام (الشاباك) وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي، أن هناك جيل جديد من الشباب الفلسطين لا يهاب الاحتلال ويقدم تقليد عمليات إطلاق نار، فيما يتحول منفذو عمليات في مواقع التواصل الاجتماعي إلى أبطال ورموز وطنية جديدة.
ووفقاً لما ذكرته تلك التقارير، الزيادة الملحوظة في عمليات إطلاق النار ضد مركبات جيش الاحتلال والمستوطنين، واتساع ظاهرة الانضمام لهذه العمليات من قبل شبان فلسطينيين وجرأتهم.
وحسب تلك التقارير فإن شمال الضفة، تشكل تحديا مركزيا هدفه عزل هذه المنطقة وعدم تسرب العمليات فيها إلى مناطق أخرى. في الضفة. وأن الاتجاهات الآخذة بالتطور في المخيمات ومدن شمال الضفة تُذكّر بأن الصراع القومي لن يختفي في المستقبل، وأنه لن يُحلّ بواسطة قضايا اقتصادية فقط. وحجم الأحداث الميدانية لا يزال ليس كبيرا، لكن احتمالات التصعيد التي ترافقها تتزايد، عشية الأعياد اليهودية القريبة.
وعلى الرغم من طريقة تناول تلك التقارير بتصاعد المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، التي اتخذت طابع التحريض، وأنها تنطلق من حالة إحباط.
العمليات الفدائية التي تتصاعد وينفذها شباب فلسطيني مؤمن بقضيته وعدالتها، في مواجهة السياسات العدوانية الإسرائيلية، وبرغم تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية العدوانية، وشن عملية عسكرية تحت اسم “كاسر الأمواج”، والتي بدأ بتنفيذها منذ عدة أشهر رداً على تنفيذ عدد من الشباب الفلسطيني عمليات فدائية فردية.
ومع ذلك لم تفلح قوات الاحتلال بوقف وتيرة العمل الفلسطيني المقاوم الآخذ في التصاعد.
لكن الملاحظ أن هذا الفعل المقاوم المتصاعد غير المنظم ويعتمد على تنظيمات محلية برغم محاولات دعم الفصائل الفلسطينية، لكنها لم تصل لمرحلة استنزاف الجيش الإسرائيلي وإيقاع خسائر كبيرة في صفوفه، غير أنه يربك دولة الاحتلال ويحرجها.
إضافة إلى أن العمل المقاوم المسلح جاء على حساب المقاومة الشعبية التي تم تجريفها خلال السنوات الماضية من قبل السلطة الفلسطينية وانحساره في مناطق محددة وردود فعل على أحداث محددة وليس مستدامة.
وفي ظل عدم قدرة الفصائل الفلسطينية والملاحقة باستمرار من قبل قوات الاحتلال، والاعتقالات في صفوها وقيادتها، باستخدام سياسة زج العشب المستمرة.
وهذا يحد من قدرة الفصائل الفلسطينية على تنظيم العمل الفدائي والشعبي وإدامته وتعميمه في جميع مدن وقرى الضفة الغربية. صحيح أن هناك حاضنة شعبية. لكن هذا لا يمنع الفصائل من الوحدة والابداع والتفكير في طرق ووسائل لمقاومة الاحتلال.
وفي غياب كامل للسلطة الفلسطينية العاجزة عن حتى تبليغ الناس عند تنفيذ قوات الجيش الاسرائيلي الاقتحامات اليومية النهارية والليلية للمدن والقرى في الضفة، وهذا يشير ليس إلى ضعفها فقط، بل إلى استمرار التنسيق الأمني.
اللافت أيضاً في تلك التقارير، والشعور أنها موجهة وتحرض ضد الفلسطينيين، ومحاولة عزل جنوب الضفة الغربية ووسطها عن شمالها خاصة جنين وانضمام نابلس إليها مؤخراً، والتي بات شمال الضفة يشكل تحديا مركزياً لدولة الاحتلال.
والخشية هنا وفي ظل التحريض المبطن، وما أوردته تلك التقارير الموجهة، وفشل حملة كاسر الأمواج من تحقيق أهدافها بشكلٍ كامل والقضاء على المقاومة.
أن يكون ذلك مقدمة لشن عدوان عسكري واسع في شمال الضفة والاستفراد في جنين وقراها ومحاولة كسرها.
واستغلال تلك التقارير المقلقة من وجهة نظر الاجهزة الأمنية المتماهية مع حكومة الاحتلال الموقتة بقيادة رئيسها يئير لابيد ووزير الأمن بني غانتس، والقيام بعدوان على غرار العدوان على قطاع غزة الشهر الماضي، قد يساعد لابيد وبقايا حكومته بتعزيز خطوطه أكثر في الانتخابات المقبلة.
المقاومة الفلسطينية مستمرة في سياقها الشعبي والوطني باشكالها المختلفة، والعمل المقاوم الفردي والعفوي.
في وقت أصبح الجيل الشاب الفلسطيني بشكل عام له مشروعه الخاص به، بعيداً عن مركبات النظام الفلسطيني العاجز عن استعادة الزخم للمشروع الوطني، وإعادة الاعتبار لمؤسسات الشعب الفلسطيني، ومقاومة الاحتلال. والانعتاق من التبعية،و دعم السلطة اقتصادياً وتقويتها، في انتظار الحل السياسي، والقبول بتسهيلات اقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة.