الانتخابات …أية مقاربة لها؟
بعد اجتماع الأمناء العامين في 3/ 9 أصبح من الواضح أن المرحلة السابقة يجب ان تنتهي ويجب الدخول في مرحلة جديدة.
أنهت دولة الاحتلال الحل المبني على التسوية التفاوضية والتي كانت مستندة لاتفاق أوسلو وأصبح جليا انها استغلت مدة المفاوضات لفرض الوقائع الاستيطانية على الارض وبناء منظومة من المعازل والبانتوستانات على حساب حقوق شعبنا.
عززت ما يسمى بصفقة القرن الرؤية اليمينية المتطرفة والتي يتزعمها نتنياهو في دولة الاحتلال من خلال العمل على حسم الصراع والقضايا الكبرى بطريقة الفرض والقوة وتحديدا قضايا القدس واللاجئين والاستيطان والعمل على ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية.
وعلية فأي مقاربة للانتخابات وهي التي جري الاتفاق عليها بين حركتي فتح وحماس في اسطنبول يجب أن تنطلق من هذه القاعدة حيث من غير المناسب إعادة إنتاج سلطة الحكم الذاتي خاصة اذا أدركنا أن كل من انتخابات 1996و2006 قد تمتا بهذا السياق وهذا لا ينتقص من اهمية اجراؤهما بما يتعلق بالتأسيس لنظام ديمقراطي تعددي.
رفضت دولة الاحتلال بان تتحول السلطة الى دولة ذات سيادة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في 4/5/1999.
دولة الاحتلال تريد السلطة بوظائف محددة تستند لمنظور الحكم الذاتي تحت منظومة السيطرة الكولونيالية الاستعمارية له وخاصة بما يتعلق بالتنسيق الأمني والتبعية الاقتصادية دون أن تتحول السلطة الى دولة تملك الحق في تقرير المصير.
دولة الاحتلال تنكر على شعبنا حقوقه السياسية وهي تعتمد فقط رؤية السلام الاقتصادي التي يتبناها نتنياهو ويسعى لتعميمها على المحيط الإقليمي ضمن معادلة السلام مقابل السلام اي بدون حقوق وبما يساهم في تعزيز الهيمنة الاسرائيلية على الإقليم بحجة المخاطر الخارجية علما بأن هذه الحجة تشكل مدخلا للسيطرة على الثروات والأسواق العربية استنادا لرؤية شمعون بيرس حول الشرق الأوسط الجديد.
لا يمكن الاعتراض وأمام الحرص على الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة على اجتماع الأمناء العامين للفصائل والذي كان مطلبا وطنيا وشعبيا واسعا ولا على حوارات فتح وحماس سواء كانت في اسطنبول او في مكان أخر لان الغاية هي المصالحة وإنهاء صفحة الانقسام.
ولكن بات مطلوبا تفعيل دور القوى السياسية الاخرى ومكونات المجتمع المدني بالرقابة والمسائلة بهدف الدفع باتجاه تحقيق الوحدة الوطنية وترجمة الاتفاقات والخطابات الى وقائع عملية.
السياسة تستند إلى موازين القوى وكما أثبتت نتائج انتخابات للعديد من الاتحادات والبلديات والجامعات فإن الحركتين الأكثر نفوذا على المستوى الشعبي ما زالت حركتي فتح وحماس وان القوى الأخرى فشلت في تشكيل التيار الثالث او القطب الديمقراطي لأسباب مختلفة.
ستقوم الحركتين الكبيرتين بعرض نتائج حواراتهما على اجتماع الأمناء العامون الذي سيعقد قريبا لتصبح رؤية الحركتين ذات طبيعة جمعية.
لو كان هناك تيارا ثالثا لما تمت الحوارات الثنائية.
وبالرغم من التحفظ على الحوار الثنائي فسيصبح من الصعوبة بمكان الاعتراض عليها خاصة إذا كانت تسير باتجاه المصالحة وترتيب البيت الداخلي على قاعدة ديمقراطية وتشاركية.
وإذا أرادت بعض الفصائل او التجمعات والحركات أن تكسر حالة الاحتكار من الحركتين الكبيرين فعليها العمل الجاد على توحيد جهودها لتأسيس تيار وطني ديمقراطي ثالث دون حسابات فئوية او ذاتية والا فإن المحاصصة ستكون هي سيدة المشهد في ظل إخفاق إمكانيات تشكيل التيار الثالث.
ولن يكون غريبا بهذه الحالة أن يتم تعزيز حالة المحاصصة عبر الاتفاق على قائمة موحدة بالانتخابات.
وحتى تصب الانتخابات في مجرى الوحدة وترتيب البيت الداخلي فلابد من اتباع خطوات من بناء الثقة منها تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على معالجة الأزمات والاختلالات التي تمت خلال فترة الانقسام والاتفاق على برنامج سياسي يتجاوز المرحلة السابقة ويعمل علي بناء المنظمة لتضم الجميع بوصفها الممثل الشرعي والوحيد والمعبرة عن الهوية الوطنية الجامعة للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
إن الانتخابات وسيلة وليست هدفا بحد ذاته الأمر الذي يعني عدم إجراء انتخابات تعيد تجديد سلطة الحكم الذاتي. وعلية فالانتخابات المطلوبة يجب أن تكون لبرلمان دولة فلسطين تحت الاحتلال بالاستناد لاعتراف العالم بدولة فلسطين عضوا مراقبا بالأمم المتحدة وفق القرار 19/67 او للمنظمة فقط بما يعني العودة لمربع التحرر الوطني وهذا من المفترض تضمينه بالحوار الوطني الشامل للفصائل الأمر الذي سيحدد وجهة الكفاح والمسار السياسي الفلسطيني بالمرحلة المقبلة.
وغني عن القول انه بالانتخابات او بدونها يجب احترام حقوق الإنسان وإرادة المواطنين بالرأي والتعبير والتجمع السلمي وعدم الملاحقة او الاعتقال على خلفية الرأي السياسي حيث أن كرامة المواطن وصيانة حقوقه وتعزيز صموده تعتبر من المقومات الأساسية لإفشال المؤامرات المحدقة بقضية شعبنا.