الاستقواء بالخارج…

بعيداً عن تقييم بيان قائمة الحرية والكرامة الذي أعلنت فيه عن نيتها التوجه إلى المحاكم الأوروبية، بهدف استصدار قرارين، الأول: وقف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية. الثاني: فتح تحقيق في ملفات الفساد في السلطة….
وبعيداً عن الاتهامات والتخوين….
دعونا نفترض بأن هذا البيان الموقع من نزار بنات ود. امجد شهاب فيه استقواء بالخارج، وأن الاستعانة بالخارج أمر مرفوض وطنياً….أليس من المفترض ان نسأل أنفسنا ما الذي دفع فئة من أبناء الشعب الفلسطيني للاستقواء بالخارج؟
من الذي أغلق المجال العام؟…من الذي جرف الحياة السياسية؟ من الذي لا يؤمن بالشراكة الوطنية؟…من الذي يحتكر السلطة والسلطات جميعها؟…من الذي يتفرد بالقرار الفلسطيني؟…من الذي يحرص على استمرار الانقسام وألغى الانتخابات بقرار فردي، دون توافق وطني؟…من الذي قاد ويقود الشعب الفلسطيني من كارثة إلى اخرى؟….من الذي لا يلتزم بقرارات المجلس المركزي؟
يمكننا لوم قائمة الحرية والكرامة على لجوئها للقضاء الأوروبي في حال كان القضاء الفلسطيني بخير، ولا تتغول عليه السلطة التنفيذية…وقتئذ سنقول لهم لماذا لم تتوجهوا للقضاء الفلسطيني.
يمكننا تجريمهم في حال كان المجال السياسي مفتوح، وهنالك تداول سلمي للسلطة، ونقول لهم استخدموا الأدوات السياسية المتاحة للتغيير….
يمكننا اتهامهم بالخيانة لو أن السلطة الحالية تنطلق من برنامج وطني متوافق عليه، وليس برنامج فئوي حزبي لا يعبر حتى عن الحزب الحاكم نفسه، وإنما عن فئة متنفذة فيه.
يمكننا رميهم بالعمالة لو أن السلطة الحالية لا تتبنى التنسيق الأمني ومحاربة “الإرهاب”، وتعتقل أبناء شعبها لتحافظ على الهدوء بموجب الاتفاقيات الموقعة، ولضمان استمرار تدفق الأموال، في مخالفة صريحة وواضحة لقرارات المجلس المركزي منذ سنوات بوقف التنسيق الأمني.
الخلاصة:
مع إني لست مع اللجوء للأوروبيين أو غيرهم، لكني اتفهم دوافع قائمة الحرية والكرامة….إن لوم قائمة الحرية والكرامة على “الاستعانة” بالخارج هو لوم للضحية عندما تصرخ…وهو أشبه بمن يلوم إمرأة تغتصب على يد أفراد عائلتها لأنها تصرخ وتطلب المساعدة من الغريب…فصراخها “خيانة وعيب”.
من جرف الحياة السياسية، واحتكر السلطة، ومنع التداول السلمي لها، وتغول على جميع السلطات، وقمع الحريات، وضرب بعرض الحائط جميع التوافقات الوطنية، ويحرص على استمرار الانقسام حتى يحافظ على مصالحه….هو الملام بالدرجة الأولى.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *