الأمناء العامّون وحكاية الأعرابيّ ورمضان
تقول حكاية إنّ أعرابيّاً وجد طريقةً للتهرّب من صيام رمضان بعدما عرف أنّ أحد شروط الإفطار المسموح به شرعاً هو “السفر”.
تنطبق حكاية هذا الأعرابي تماماً على قادة الفصائل الفلسطينية في زمن الانقسام الذين يبدو أنّهم أقسموا على أن يقطعوه أسفاراً وحواراً.
لحسن حظّهم أنّهم وجدوا عواصم ترحّب بهم، وتهيّء لهم إقامة مريحة هادئة لعلّها تساعدهم على اتّخاذ قرارات سديدة بعيداً عن “دوشة” الاحتلال والاجتياحات والجنازات وصخب النزاع المحموم على السلطة والنفوذ. فمن يجرّب هدوء الضيافة في الفنادق الباذخة وكرمها لا بدّ أن يعشق الحوار ما دام يتمّ في أجواء كهذه.
القاهرة عاصمة جهود المصالحة والتهدئة سوف تستضيف الأمناء العامّين للفصائل، وأساسها حركتا فتح وحماس من حيث الحجم وإمكانيات السلطة، لكنّ أهمّها حركة الجهاد الإسلامي التي تسيّدت وقائع ومجريات الحروب الأخيرة مع إسرائيل في غزّة وجنين.
حركة حماس التي تبسط رداءها على المعارك جميعاً، سواء شاركت فيها أو لم تشارك، هي كذلك، إلّا أنّها وسّعت مساحة مرونتها بما يناسب بقاء سلطتها في غزّة ويوفّر لها فرصاً مستقبلية في الضفة لتكون منافساً على النفوذ الأوّل فيها.
في أمر “الجهاد” و”حماس”، سينسى الفصيلان ما بينهما من اختلافات حادّة، وستظهران في محادثات القاهرة العتيدة فريقاً واحداً يمثّل “المقاومة” التي يقولون إنّها تعاني ما تعاني من ملاحقة “سلطة رام الله”، ولو أنّها تقول كلاماً طيّباً عن بعض “فتح”، وتقول ما صنع الحدّاد بسلطتها وعلاقاتها بدءاً من “الرئيس المنتهية ولايته” إلى الأجهزة الرسمية التي تواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل على الرغم من القرارات المعلنة بالتوقّف عن ذلك.
خيارات فتح.. أحلاها مرّ
أمّا فتح، المنتشرة سرّاً وعلناً في كلّ جوانب وزوايا الحالة الفلسطينية، السياسية والقتالية، وبين الفدائيين وفي أجهزة الأمن، وتقوِّم علاقتها مع الخصوم وتندّد بها، “فتح” التي يقاتل جزء منها في كلّ مكان يجري فيه قتال، ويترقّب رئيسها مبادرة سياسية سانحة تقوم على المفاوضات، ستجد نفسها في اجتماع القاهرة المرتقب أمام مفترق طرق يبدو أنّ أحلى الخيارات فيه مرّ:
– فإمّا أن تساير دعاة القتال ولو بعبارات لفظية، وهذا يعني انقلاباً على الاتجاه الذي ما تزال سلطتها ماضية فيه.
– وإمّا أن تطمئن رعاة اعتدالها بأنّها ماضية في نهجها من خلال السلطة التي لا تستطيع التضحية بما يتوافر لها من دعم دولي سياسي واقتصادي مهما بدا متراجعاً حتى حدوده الدنيا.
تدرك الفصائل الأخرى وزنها في معادلة القوّة، وبعضها مضطرّ إلى أن يتعايش مع فتح – السلطة، ويتبعها أينما ذهبت، والبعض الآخر مضطرّ إلى التعايش مع “حماس” و”الجهاد” لأنّهما صاحبتا الختم المعتمد في تمييز “المقاومين” من “المستسلمين”.
عن معا