الأستاذ حنا، وداعًا (1928-2022)
الأستاذ ليس لقبًا لحنا بل وظيفة حنا وعمله وممارسته وحياته. الأستاذيّة طبيعته ومكوّن بنيويّ في شخصيّته،
أستاذ في كل شيء، في العمل السياسي عندما كان هذا العمل ممنوعًا أو يكلّف صاحبه ثمنًا باهظا،
أستاذ في إدارة الكلّية العربية الأرثوذكسية في حيفا،
أستاذ في جامعة حيفا،
أستاذ في الشعر والأدب لكثير من المبدعين والمبدعات وصولا إلى محمود درويش الذي كتب حنا له بخط يده مجموعته الأولى أو الثانية.
الأستذة تليق بحنا وهو يليق بها، كأنها صُنعت له وهو ولد لها. هكذا يُجزم كل الذين صادفوه والتقوه في الوقت المديد الذي عاشه عندما عمل في سلك التعليم وفي مواقع المعرفة والدراسة والشأن العام،
كنز معرفيّ وطاقة لا تنضب على الحياة لأجل شعبه وناسه، هو ارواية وهو الراوي، إذا سألتع أخذك بيدك بلطف إلى التاريخ الشخصي الذي هو تاريخ شعب وقضيّة،
يأتي إلى المدرسة أو إلى الأمسية والمؤتمر والقاعة واثقًا أنيقًا عاليًا. في خطابه عنفوان يقوم على معرفة ودراسة وقناعات ومدارك واسعة وقلب مُحبّ. فتحبّه.
يجسّد جيلًا مشى على الجمر وتفيّأ بظل غيمة وأحيا اللغة وفتح فيها مغاليق كي يبقى، يُبدع ويُنتج ذاكرة ومقاومة وفكرا ومعنى.
حنا من الأساتذة الذين تعلّمت منهم كيف أحفظ المعنى والودّ وكيف أكون أنا، لا ظلّا للغريب ولا أسيرًا للغته.
حنّا رسم مع أبناء جيله خطًّا نسير عليه إلى الآن، خط المقاومة اليوميّة كخيار أوحد وحيد. وها هو سلّمنا الخرائط ومضى.
لروحه السلام.