الأركيولوجيا بين العلم والإيديولوجيا(7)
الجزء الثالث
خلافات ثلاثة
سوف نستعرض في هذا الفصل ثلاث حالات كمواضيع دراسة: مدينة داود / سلوان، وكنيسة القيامة، وجبل الهيكل / الحرم الشريف، وسوف نكتشف كيف ستقودنا هذه الرحلة إلى استنتاج عن الطريقة التي أدت فيها الإجراءات العلمية والتطلعات الدينية إلى القوى المزدوجة للباحثين، المتمثلة في التوافق والتنافر، بالإضافة إلى التحالف والصراع السياسيان. أولاً، تحولت مدينة داود، كمكان تم فيه توثيق أول مستوطنة في القدس، منصة يُعاد فيها تمثيل الكتاب المقدس العبري، باستخدام علم الآثار كأداة. فنمت وتطورت مؤخراً، تحت منازل سكان سلوان الفلسطينيين، تجاويف وأنفاق عديدة -وقداستها المزعومة- لتصبح واحدة من أكثر المواقع المتنازع عليها في القدس. هذا تحت الأرض أما فوق سطح الأرض، كان النصب التذكاري لكنيسة القيامة بمثابة مكان العبادة والحج المسيحيين الأساسيين في القدس، فضلاً عن كونه أحد أكثر الأماكن المرغوبة للاستكشاف العلمي. لقد كانت على خط المواجهة في النزاعات الطائفية المسيحية، فضلاً عن كونها مركزاً للمفاوضات مع الجالية اليهودية والمسلمة، ومؤخراً، مع المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني. أخيراً، كانت الأكروبوليس الرئيسي في القدس والموقع المقدس المحوري في المدينة، جبل الهيكل، أو الحرم الشريف، مكانًا نشطاً للعبادة والحج من العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر. هنا يمكننا أن نتتبع كيف تستمر الديانات اليهودية والمسيحية والمسلمة في البناء فوق بعضها البعض جسدياً وروحانياً، وكيف انخرطت هذه المجتمعات المترابطة في الصراع الديني السياسي. أكثر من أي مجمع مقدس آخر، وكيف تم استخدام جبل الهيكل / الحرم الشريف كمنصة للتلاعب بالتراث لغرض الأجندة الدينية والقومية ذات التأثير الإقليمي والدولي. تلخص هذه الخلافات الثلاثة تحديات التراث الأثري في القدس وتظهر تشابك العلم والأيديولوجيا.
الفصل السابع
مدينة داود / سلوان
ثمة في رأس شارع وادي حلوة، علامتان توجهان الزائر لاستكشاف الحي. إحداهما تُقرأ سلوان؛ والأخرى مدينة داود. يظهر كلا الاسمين بثلاث لغات مختلفة، العبرية والعربية والإنجليزية، في محاولة واضحة للتوازن أو إخفاء موقف جامح تماماً. يعيش حوالي سبعمائة مستوطن يهودي، وسط حوالي خمسين ألفاً من القرويين الفلسطينيين، وهو تعايش تعمل الأسلاك الشائكة والأسوار الكهربائية وأكشاك الحراسة والأبراج على تسهيله، فضلاً عن عشرات الكاميرات الأمنية والأفراد، مما قد تساعد، عرضياً، في الحد أو منع حدوث المشاكل وبعض المواجهات العنيفة، ولكنها، أي هذه التسهيلات، تؤكد وتعمق بلاشك الخلاف والعداوة بين السكان الأصليين والمستوطنين اليهود، الذين بدأوا في الانتقال إلى الحي في العام 1991(1). سلوان هو اسم القرية. نشأت في رأس العامود، على المنحدر الجنوبي الغربي لجبل الزيتون، وبدأت، في بداية القرن العشرين، بالتوسع تدريجياً عبر وادي قدرون (يعرف محلياُ باسم وادي ستي مريم أو وادي القديسة ماري). والتهم الحي في نهاية المطاف التلال الجنوبية الشرقية، والتي تعتبر اليوم حي وادي حلوة (انظر الشكل 27). يبلغ عمر قرية سلوان مئات السنين. ونشأت، تقليدياً، في عهد صلاح الدين [الأيوبي] في القرن الثاني عشر(2). مدينة داود -بالعبرية، عير داود עיר דוד ، لقب توراتي ( ظهر في الإصحاح الخامس من سفر صموئيل الثاني: [ 9 وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْحِصْنِ وَسَمَّاهُ «مَدِينَةَ دَاوُدَ». وَبَنَى دَاوُدُ مُسْتَدِيرًا مِنَ الْقَلْعَةِ فَدَاخِلاً]، والتي تشير على الأرجح إلى قلعة داود -المصطلح الذي طرحه عالم الآثار الفرنسي ريموند ويل، والذي قام بإجراء أول حفريات في الهواء الطلق في جنوب شرق التل، في الأعوام 1913-1914. غير أن هذا الاسم نادراً ما استخدم فيما بعد، إلى أن بدأ يغال شيلوه في قيادة أول حملة استكشافية إسرائيلية للتل في العام 1978. واختار معظم المنقبين حتى ذلك الحين اسم أوفيل، وهو اسم كتابي آخر يستخدم لوصف المنطقة الواقعة جنوب سفح جبل الهيكل مباشرة(3).
يعيش القرويون في سلوان في منازل متواضعة، غالباً ما تكون -مزيج من الحجر والخرسانة والحديد- بنيت على جانبي طق وممرات بعضه غير مرصوف. وعلى النقيض من ذلك، بني مركز زوار مدينة داوود، والحديقة الأثرية المحيطة، وكذلك منازل المستوطنين، بشكل جميل و ودائمة الصيانة، وتظهر متناثرة وسط القرية الفلسطينية ومتصلة بشوارع حديثة مرصوفة. تشكل البستنة والعديد من الأعلام الإسرائيلية سمات إضافية واضحة للتحولات الحضرية الأخيرة التي بدأتها وموّلتها كل من بلدية القدس ومؤسسة إلعاد. تقود المسارات السياحية الزوار عبر مساحات جيدة التصميم، بعضها فوق سطح الأرض، لكن معظمها يمتد تحت المباني الخاصة والعامة في حي سلوان. واكتشف ملايين الزوار، منذ منتصف التسعينيات، المعالم المحفورة وصار بمقدورهم السير على خطى العشرات من المستكشفين المغامرين في رحلة لاكتشاف البقايا المادية التي تجسد الرواية الكتابية(4). ومع ذلك، يبدو أن معظم الزوار يتجاهلون حقيقتين: القرون العديدة من الإرث التاريخي الذي يربط السلواني الفلسطيني بهذا المكان ونقص المعطيات الأثرية المتحصل عليها من التلة الجنوبية الشرقية التي تدعم الرواية الكتابية عن غزو الملك داود وحكمه للمدينة.
حفر الكتاب المقدس
يعد التل الجنوبي الشرقي من أكثر الأماكن التي تم التنقيب عنها في القدس، ويكتلك تاريخاً يمتد لأكثر من 150 عاماً من الاستكشاف. ومن المفارقات أن الحفريات الأكثر شمولاً وتدخلًا تزامنت مع النمو الأكثر أهمية وسرعة للقرية الحديثة، بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في العام 1967. كان الاستكشاف الأثري مدفوعاً منذ البداية بالرغبة في العثور على آثار مادية للسردية الكتابية، مع إعطاء الأولوية لهذه المهمة على الاهتمام بالسكان الذين يعيشون على الأرض. تعرضت نوعية الحياة الخاصة والعامة في سلوان، خاصة في العقدين الماضيين، لمخاطر متزايدة بسبب التنقيب وتطوير صناعة السياحة. وعلى الرغم من النجاح الكبير في جذب ملايين الزوار، إلا أن الكثير من هذا النشاط الأخير كان له دوافع إيديولوجية وسياسية ولا يمكن تبريره على أسس علمية. وأدى هذا التشابك في علم الآثار والدين والأيديولوجيا إلى تأجيج التوتر بين المستوطنين اليهود وسكان سلوان الأصليين، بين الجمهور الإسرائيلي والفلسطيني. وقد غمر الجدل الدائر حول أهمية التدفق المستمر للاكتشافات التي يُفترض أهميتها للسرد الكتابي، والتأثيرات السياسية لتزايد وجود المستوطنين، وإخلاء السكان الفلسطينيين، وسائل الإعلام وظهرت العديد من المقالات التثقيفية. وتتمثل إحدى الثغرات في الخطاب الأكاديمي في الافتقار الواضح للتواصل بين علماء الآثار والمتخصصين أو الباحثين في المجالات الأخرى. ومعظم الأدبيات التي تتناول الجوانب الاجتماعية والسياسية للقضية -تأثير الأنشطة الأثرية والتنمية السياحية على سكان سلوان، والصراع السياسي، والحقائق الإقليمية والديموغرافية للقدس- كتبها في الغالب علماء الاجتماع والسياسة أو مهندسين معماريين ومخططين حضريين، لكنهاـ أي الادبيات، لا تولي اهتماماً كبيراً للبيانات الأثرية الفعلية.
ركز الخطاب الأكاديمي لعلماء الآثار في المقام الأول في عملهم على البيانات المادية الملموسة -أو على عدم وجودها- دون الخوض في مناقشة الآثار العملية والسياسية لعمليات التنقيب، والحفظ، ومبادرات التنمية التي يتم تنفيذها، فوق وتحت الأرض(5).
فماذا كشفت 150 سنة من المسح والتنقيب الأثري في جنوب شرق التل؟ ما هي أهم الرحلات الاستكشافية والاكتشافات الأكثر أهمية؟ الحفريات والاكتشافات التي لا حصر لها، وأخيراً يجعل التناقض بين الإجماع العلمي والتغطية الإعلامية من الصعب، حتى بالنسبة للخبراء أنفسهم في بعض الأحيان، التفريق بين الاكتشافات المثيرة والاكتشافات المهمة حقاً. أجريت العديد من الحفريات على التل الجنوبي الشرقي منذ بداية الاستكشاف في منتصف القرن التاسع عشر (انظر الشكل 28). مما ساهم في زيادة معرفتنا بشكل كبير، وحققت الأساليب العلمية تقدماً هائلاً. ومع ذلك، لم يتغير الدافع الأساسي لحفر المنطقة الصغيرة نسبياً منذ العصر العثماني، الكشف عن الآثار المادية للسردية الكتابية.
حصلت بعض أهم الاكتشافات على التل الجنوبي الشرقي في فترة الحكم العثماني، خلال العقود الأولى من النشاط الأثري. وشملت أنظمة المياه في العصر البرونزي والعصر الحديدي ونفق سلوام ونقشه، وبركة سلوم الهيرودية، ونقش كنيس ثيودوتوس، وكنيسة سلوام البيزنطية(6). ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن قدرة الدوائر الأكادية والجمهور الأوسع على حد سواء، في بداية القرن العشرين في القرن الماضي، على التمييز بين المساعي العلمية وعمليات البحث عن الكنوز التي يتم كانت تحدث دون أهداف محددة أو دوافع روحية. دعت بعثة باركر الأسطورية، التي سعت إلى الكشف عن تابوت العهد وكنوز سليمان، الأب فنسنت من المدرسة التوراتية École biblique إلى توفير إطار علمي لمشروع غير معقول. ومع ذلك، كانت الطبيعة غير العقلانية للمشروع شفافة تماماً ومرئية للجميع. ونظراً للضغوط المحلية وحتى الدولية، لم يتم تستكمل أعمال التنقيب في نهاية المطاف(7). واكتسبت، من ناحية أخرى، حملات وران وبليس وديكي الاستكشافية، تحت رعاية صندوق استكشاف فلسطين، وحتى عمل ويلي، الذي تم تنفيذه برعاية البارون إدموند روتشيلد، شهرة واسعة واستحساناً وأثرت بعض نتائجها على فهمنا لتاريخ القدس المبكر. كانت النظريتان اللتان صيغتا خلال تلك السنوات الأولى من الاستكشاف واللتان كان لهما تأثير كبير على جميع الأعمال الأثرية الأخرى التي تم تنفيذها في المدينة تقولان أن أول عملية توطن في المدينة حصلت في جنوب شرق التلة، خارج حدود المدينة القديمة، وأن الملك داود استخدم نظام نفق مرتبط ببئر عمودية لما يعرف اليوم بـ عمود وارن Warren’s Shaft لغزو المدينة اليبوسية واحتلالها. وأثبتت الحفريات الأخيرة أن أقدم اللقى التي توثق حضوراً بشرياً لعصور ما قبل التاريخ عثر عليها في التل الجنوبي الشرقي يمكن تأريخها إلى المراحل المبكرة من العصر الحجري القديم (22000 سنة ق.م- 9500 ق.م). لكن هذه الحفريات أثبتت أيضاً أنه من غير الممكن الوصول إلى عمود وارن خلال الفترة التي يُنسب إليها احتلال داود لأورشليم(9).
تميز العمل الأثري في القدس في فترة الحكم البريطاني، بالقيان ببعثتين هامتين، على وجه الخصوص، إحداهما بقيادة روبرت ألكسندر ستيوارت ماك أليستر و جي. غارّو دونكان في الأعوام 1923-1925، والأخرى بقيادة جون وينتر كراوفوت و جيرالد ميلنز فيتزغرالد في العام 1927(10) ويتعلق الاكتشاف الرئيسي الذي جرى خلال هذه الفترة بالبناء الحجري المدرج، والذي كان مكشوفاً بصورة جزئية فقط في ذلك الوقت ويُعتقد أنه يمثل قلعة صهيون المذكورة في الكتاب المقدس( الإصحاح الخامس في سفر صموئيل الثاني:[7 وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ، هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ.])، التي بناها اليبوسيون واستولى عليها الإسرائيليون حوالي 1000 ق.م(11). ونتيجة العديد من الحفريات التي أجريت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، والتي كشفت تدريجياً ما تبقى من البناء، ظهرت عدة تقويمات وتفسيرات كرونولوجيّة مقترحة. ووضعت فروقات زمنية بين مركز (السفوح التحتية) وبين السطح، والتي يُشار إليها عادةً باسم الغطاء الحجري المدرج وتتراوح التواريخ المقترحة بين العصر البرونزي (القرن الرابع عشر إلى القرن الثالث عشر ق.م) والعصر الهلنستي (القرن الثاني ق.م)(12). على الرغم من أن الوظيفة والمظهر الأصليين للبناء لا يزالان دون توضيح، فإن معظم العلماء يترددون في الناي بعيداً تماماً عن الإشارة الكتابية إلى قلعة صهيون، مما يشير إلى أن البناء الحجري المتدرج كان بمثابة بنية أساسية لمبنى عام، ربما قصر أو مجمع إداري(13).
وعلى الرغم من حقيقة أن عمل كاثلين كينيون، خلال فترة الحكم الأردني، يرتبط عادةً بتقدم علمي كبير، بما في ذلك إدخال التنقيب الستراتيغرافي، إلا أنه غالباً ما يتم تجاهل عدم اهتمامها في الفترات ما بعد الكتابية. قامت كينون، بالإضافة إلى الكشف عن أقسام مختلفة من الأنظمة الدفاعية التي تعود للعصرين البرونزي والحديدي، بالإضافة إلى التغييرات أو الإضافات التي أدخلت خلال الفترة الهلنستية، بحفر منطقة افترضت أنها ذات طبيعة ثقافية، بما في ذلك اثنين من الأعمدة الحجرية القائمة [ بالعبرية מאסיבית]، وخزانات حفظ الموضوعات النذريةfavissa، ومذبح طقوس الإراقة(14). على الرغم من أن الدوائر الأكاديمية لاتزال تعترف بعمل كينون المتطور والتقدمي، إلا أنه تم دحض العديد من تفسيراتها على مر السنين، ولعل أهمها، وجهة نظرها بأن المدينة لم تكن كبيرة في العصر الحديدي بل ظلت بلة ضئيلة صغيرة طوال تلك الحقبة(15).
بدأت فترة الاستكشاف الأكثر كثافة في جنوب شرق التل بعد فترة وجيزة من احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في العام 1967. ومنذ ذلك الحين، أجريت العديد من الحفريات بمشاركة أعضاء هيئة التدريس من معظم الجامعات الإسرائيلية الكبرى (الجامعة العبرية وجامعة حيفا وجامعة تل أبيب) بالإضافة إلى موظفين من نقابة هيئة الآثار الإسرائيلية(16). وكان أو مشروع رئيسي بقيادة يغال شيلوه، الذي كشف عن مكونات أخرى لنظام المياه والدفاع في العصرين البرونزي والحديدي، والمساكن من العصر الحديدي التي توثق الفترة الأخيرة من التوطن قبل الغزو البابلي للمدينة في القرن السادس ق.م وآثار النار التي دمرت وحافظت [ بذات الوقت] على سمات مختلفة من ثقافة العصر الحديدي الثاني(17). نقبت إيلات مزار ما يسمى بالبناء الحجري الكبير، واعتقدت أنه يشكل جزءً من قصر الملك داود، وهي نظرية لم تحظ بتأييد الوسط الأكاديمي(18). وأجريت الحفريات الأطول والأكثر شمولاً بواسطة روني رايش وإيلي شوكرون، وقدّم عملهما فهماً جديداً تماماً للأنظمة المبكرة للمياه والدفاع في المدينة، لم يدحض عمل رايش وشكرون نظرية وارن القديمة للغزو الداودي للمدينة فحسب، بل أظهر أيضاً أن نيع جيحون كان، خلال العصر البرونزي الوسيط الثاني، يقع داخل حدود المدينة وكان محمياً ببرج وجدار ضخم(19). وثمة اكتشاف آخر جدير بالملاحظة يعرف باسم بركة سلوام، وهي بركة كبيرة مدرجة، بنيت واستخدمت قبل تدمير الهيكل الثاني(20). واستخدم الحجاج هذه البركة، بحسب المنقبين، لطقوس التطهر قبل زيارتهم للهيكل وكانت البركة المكان الذي قام فيه يسوع بشفاء الرجل الأعمى على ما هو مذكور في العهد الجديد (يوحنا 9 [وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ مَارّاً، رَأَى رَجُلاً أَعْمَى مُنْذُ وِلادَتِهِ، فَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هَذَا أَمْ وَالِدَاهُ، حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟» فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «لا هُوَ أَخْطَأَ وَلا وَالِدَاهُ، وَلكِنْ حَتَّى تَظْهَرَ فِيهِ أَعْمَالُ اللهِ. فَعَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَادَامَ الْوَقْتُ نَهَاراً. فَسَيَأْتِي اللَّيْلُ، وَلا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ. وَمَادُمْتُ فِي الْعَالَمِ، فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ». قَالَ هَذَا، وَتَفَلَ فِي التُّرَابِ، وَجَبَلَ مِنَ التُّفْلِ طِيناً، ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيِ الأَعْمَى، وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ»، أَيِ الْمُرسَلِ. فَذَهَبَ وَاغْتَسَلَ وَعَادَ بَصِيراً…. إلى آخر الحكاية])؛ لم يحظ أي من التفسيرات باعتراف العلماء(21). كما أن هناك ثمة مشروع آخر واسع النطاق، لا يزال قيد التنفيذ وهو موقع جفعاتي للسيارات الذي يديره دورون بن عامي ويانا تشيكانوفيتس، حيث أظهرت حفرياتهما أن المنطقة كانت بمثابة حي سكني، مع انقطاعات قصيرة فقط، من القرن الثامن ق.م. حتى القرن العاشر ق.م، وتشمل أهم اكتشافاتهما المعمارية يهو فيلا رومانية (أواخر القرن الثالث إلى الرابع ق.م) ومبنى كبير (يعود إلى القرن الخامس إلى القرن السابع ق.م) ويُفترض أنه “مقر الممثل الرسمي البيزنطي”(22).
التوافق والجدل بين البحوث الأكاديمية
على الرغم من أن غالبية علماء الآثار الذين نقبوا في التلة الجنوبية الشرقية اتفقوا على التركيز المطلوب لاستكشاف التل الجنوبي الشرقي -استحضار الروايات المكتوبة للكتاب المقدس العبري، ويوسيفوس فلافيوس، والعهد الجديد في حوار مع اللقى المادية- فقد أدت معظم اللقى، لاسيما تلك التي يحتمل أن تكون ذات صلة بالروايات الكتابية، إلى فوضى في التأويلات. وفي المقابل، كان للعديد من الاكتشافات أهمية جديرة بالملاحظة باتفاق الباحثين. فموقع أول مستوطنة في القدس على التلة الجنوبية الشرقية واضح تماماً، وكذلك تأريخ أقدم لقى للأدوات الصوانية، والمساكن الأولى، وأسوار المدينة. وهذه نتائج لا يبدو أن أحداً يطعن فيها، لاسيما، نتائج الحفريات التي كشفت عن تحصينات المدينة في العصر البرونزي الوسيط ونظام المياه. ولا توجد اختلافات كبيرة في التفسيرات العلمية فيما يتعلق بمواقع التوطن التي تعود للعصر الحديدي المتأخر وللمساكن التي دمرت خلال الغزو البابلي في أواخر القرن السادس ق.م. كما أنه من غير المحتمل أن تؤدي الاكتشافات الحديثة لبهو الفيلا الرومانية، والقصر البيزنطي، والمساكن العباسية إلى خلافات علمية. تبدو هذه الحقائق واضحة ومباشرة، ولا يلزم إجراء مراجعات تاريخية كبيرة بشأنها. ومن المؤكد، من الناحية التوثيقية، أن نبع جيحون وبركة سلوام ظلا معالم مهمة خلال العصور الإسلامية المبكرة، والعصور الوسطى، والعصور الإسلامية المتأخرة(23). وظهرت بركة سلوام في العديد من الخرائط الصليبية للمدينة، وهناك أدلة أثرية على فتح نبع جيحون في وقت ما خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر(24). على الرغم من حقيقة أنه حتى أقدم الحفريات التي وثّقت القطع الأثرية من العصر المملوكي، لم يول علماء الآثار اهتماماً ملحوظاً للمباني والمنشآت ما بعد البيزنطية(25). ومن الصعب تقدير عدد هذه اللقى المتأخرة التي أهملت وربما هدمت بالجرافات، وهو وضع لن يختلف كثيراً عن المناطق الأخرى داخل المدينة وبشكل عام في المنطقة.
يبدو أن هناك انسجاماً أقل بين العلماء فيما يتعلق بالمواقع الدينية والصروح الأثرية. وعلى الرغم من الكشف عن العديد من تماثيل العصر الحديدي وأدوات العبادة المحتملة الأخرى، غير أنه لا يوجد اتفاق حقيقي حول الاستخدام التعبدي لهذه المنطقة، حيث لا يبدو أن التل الجنوبي لعب دوراً مركزياً في الحياة العامة الدينية للمدينة. كما لا يوجد دليل ملموس على وجود منزل عبادة، بخلاف القرن الأول ق.م. حيث تم توثيق نقش كنيس لم يتم العثور عليه في مكانه.
من بين الاكتشافات الأكثر إثارة للجدل المواقع أو الآثار التي ربطت بتوصيفات كتابية، مثل البناء الحجري المدرج، والبناء الحجري الكبير، وعمود وارن، ونقش سلوام. ولكن ما هو أكثر إثارة للجدل، اللقى المتعلقة في سياقات التل الجنوبي الشرقي، حيث عثر على كمية محدودة من بقايا المواد التي يعود تاريخها إلى القرنين الحادي عشر والعاشر ق.م. (الفترة الانتقالية بين العصر الحديدي الأول والعصر الحديدي الثاني)، ويُعتقد أن الفترة تتوافق مع عهدي الملك داود وسليمان، زمن المملكة المتحدة ليهودا وإسرائيل. قد يفهم المرء بسهولة كيف يمكن أن تؤدي قطعة أثرية أو هيكل غير عادي إلى مناقشات ساخنة ونظريات وإعادة بناء متضاربة، لذلك من الغريب، في الواقع، أن الموضوع الأكثر إثارة للجدل حول حفريات جنوب شرق التل هو عدم العثور على لقى. وأحد المبادئ الرئيسية في مجال علم الآثار، بطبيعة الحال، هو أن عدم وجود دليل لا يمثل دليلاً على غياب الأثر. وهذا يعني أنه إذا لم يتم العثور على شيء ما، فهذا لا يعني أنه هذا الشيء غير موجود أو لم يكن موجوداً. تكون إمكانيات التأويل أكثر تنوعاً ومرونة في حالة عدم وجود بقايا ملموسة. وبعيداً عن البيانات المادية المحدودة الموجودة التي تعود للقرن العاشر ق.م، فإن صعوبة إعادة بناء المدينة خلال هذه الفترة تنبع من عدم وجود سجلات تاريخية معاصرة. لقد كُتبت المقاطع الكتابية التي تصف أورشليم داود وسليمان بعد مئات السنين من الأحداث التي يصفونها، وهي تصور النظام الملكي من منظور لاحق. ويعتقد بعض العلماء، من جهة أخرى، أن تاريخية هذه الروايات ضئيلة أو حتى غائبة تماماً(26). ويجادل هؤلاء بتأثر الرواية التوراتية بالتصورات الدينية والأجندات السياسية، وهو ما أدى إلى تضخيم كبير إلى حد ما للسردية التي تصور المدينة تخضع ، في تلك الفترة، لنظام حكم قوي ومجيد(27). وهناك، على الطرف الآخر، أولئك العلماء المحافظون الذين يعتمدون على الرواية الكتابية كمرشد أساسي لهم في فهم الأحداث التاريخية وتحديد البقايا الأثرية(28). وقد وضعوا طروحات مختلفة لتفسير محدودية السجلات المادية. إحداها تقول باستمرارية سكان أواخر العصر الحديدي استخدام منشآت العصر البرونزي الوسيط المبنية جيداً، وبما أن الفترة كانت سلمية نسبياً، لم تكن هناك حاجة لبناء تحصينات وأنظمة مائية جديدة. وثمة تفسير آخر يرى بأن الدمار الذي عانت منه المدينة على مر القرون، وكان يعقب كل دمار عملية إعادة الإعمار، أدى أحياناً إلى القضاء تماماً على الطبقات السابقة وآثار التوطن السابقة. وهناك حجة إضافية ترى أن المباني في القدس مبنية من الحجر، وبالتالي يتم إعمار كل بناء جديد مباشرة على حجر الأساس، بدلاً من بناء طبقات سابقة من الطوب، كما هو الحال في معظم التلال الكتابية في المنطقة. كما طُرحت مجموعة متنوعة من الحجج القيّمة لشرح ندرة البقايا الأثرية، وتم تطوير العديد من النظريات المدروسة بشأن القدس في القرنين الحادي عشر والعاشر ق.م. والعلاقة بين التلة الجنوبية الشرقية والسرد التوراتي. ومع ذلك، ورغم عدم تقديم أي دليل قاطع، مازال الخطاب ذاته مستمراً.
تشابك علم الآثار والدين والسياسة
غالباً ما أعاقت الحماسة المهنية والإيديولوجية لمعظم علماء الآثار الذين استكشفوا التلة الجنوبية الشرقية الاتصال المثمر مع المجتمعات المحلية في القدس – وخاصة سكان سلوان. يمكن رؤية نغمة مميزة من الازدراء في وصف وارن لحالة القرية وسكانها على أنهم “مجموعة خارجة عن القانون، ويمتازون بنهم الأكثر شراً وعديمي الضمير من بين سكان فلسطين”(29). وكان التفاعل بين علماء الآثار الغربيين والسكان المحليين، طوال العقود الأولى من النشاط الأثري، محدوداً للغاية وغالباً ما كان غير ودي. غير أن من دفع إلى تصاعد التوتر بين علماء الآثار وسكان القدس -هذه المرة ليس القرويون المحليون،
ولكن أفراد المجتمع الأرثوذكسي [اليهودي] المتطرف ابتداءّ من العام 1981 – لدرجة أن الشرطة اضطرت للتدخل وكان لابد من اتخاذ إجراءات قانونية. ولم يكن يُنظر إلى المعركة التي خاضها مدير التنقيب يغال شيلو ضد أترا قاديشا، التي ادعت أن مقابر اليهود كانت قيد الحفر، من قبل الكثيرين على أنها معركة كفاح علماء الآثار الإسرائيليين الذين يدافعون عن حرية العلم والمعرفة فحسب، بل أيضاً كنموذج مثالاً للشقاق الكبير بين أهداف الشريحة العلمانية في إسرائيل في مقابل القطاعات الدينية والأرثوذكسية المتطرفة(30). سوف يصل الصراع الناتج عن النشاط الأثري إلى أبعاد جديدة تماماً عندما بدأت أهداف التنقيب والمبادرات السياحية المرتبطة بها في أن تكون جزءً من برنامج البلدية الرسمي حيث بدأت الأجندات الدينية والسياسية تحدد نطاق وطبيعة التنقيب، بدلاً من المتطلبات العلمية. واحتفلت بلدية القدس، في العام 1995، بمرور ثلاثة آلاف عام على احتلال داود للمدينة، مما فتح فصلاً جديداً من فصول التنقيب الأثري في التل(31). واتخذت القرارات بإجراء المزيد من الحفريات الضخمة لربط المواقع المختلفة وتطويرها لتصبح منطقة جذب سياحي رئيسية. وعند هذه المرحلة، تحولت إلعاد إلى أحد الفاعلين الرئيسيين المشاركين في تسهيل هذا الإصلاح الشامل. غير أن هذا ينبغي له أن لا يخفي إحدى الحقائق التي يتجاهلها الكثيرون وهي أن إلعاد -التي تعتبر الراعي الأساسي للحفريات التي أجريت في سلوان اليوم- تم تأسيسها كمؤسسة قبل عدة سنوات من انخراطها في علم الآثار(32). وكان هدف إلعاد الحصري، أصلاً، تجديد الوجود اليهودي في سلوان والقدس الشرقية بشكل عام، لا سيما من خلال الاستحواذ على منازل الفلسطينيين. في الواقع، تسببت السنوات الأولى من نشاطهم في الحي في حدوث اشتباكات كبيرة مع الوسط الأكاديمي الآثاري الذي عارض مشاريعهم البنائية الطموحة التي من شأنها أن تعرض التراث الأثري لخطر داهم. أدى بناء مائتي وحدة سكنية للمواطنين اليهود في سلوان، الذي خططت له إلعاد بالاشتراك مع وزارة الإسكان في العام 1992 ، إلى احتجاجات من قبل مجموعة من علماء الآثار الإسرائيليين -بمن فيهم أكاديميون إسرائيليون وموظفون من سلطة الآثار الإسرائيلية- وعدد من المسؤولين القانونيين(33). بدّلت إلعاد، بعد هذه الاعمال العدائية الأولى، من استراتيجيتها، فبدلاً من بناء منازل جديدة، تحولت بصورة كبيرة إلى الاستيلاء على منازل العائلات الفلسطينية. علاوة على ذلك، حولت إلعاد نفسها إلى الراعي الأثري الأساسي لسلوان، بدلاً من تعريض آثار المنطقة للخطر وبالتالي العمل في مواجهة المجتمع الأثري، فقامت بتمويل معظم الحفريات والأنشطة السياحية والتعليمية المرتبطة بها، وتحولت تدريجياً إلى أقوى منظمة غير حكومية في المدينة. منظمة غير حكومية. وأدارت منذ العام 2002، حديقة مدينة داوود الأثرية، وهي سلطة تحصلت عليها من خلال موافقة بلدية القدس عليها ، وكذلك هيئة الآثار الإسرائيلية وهيئة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية(34)، وكان التعاون بين إلعاد والمؤسسات الحكومية المختلفة سلساً ومزدهراً منذ ذلك الحين. تحولت حديقة مدينة داود الأثرية، في السنوات الأخيرة، إلى أكثر المواقع التراثية شهرة في القدس، وإحدى أكثر مناطق الجذب السياحي زيارة في البلاد (انظر الشكل 29). وقد لأعربت العديد من الجهات والمنظمات والأفراد عن انتقاداتهم لنشاط إلعاد، على الرغم من نجاح إلعاد المتزايد من حيث جمع الأموال، وتخصيص المنازل، والتنقيب، ومشاريع الحفظ وإعادة الإعمار، وأنشطة التعليم والتوعية، والتنمية السياحية، وربما الأهم من ذلك، الموافقة الحكومية الكاملة والدعم والتعاون(35). وتعد منظمة عمق شبه في بين أكثر المجموعات نشاطاً وفعالية في تحدي أنشطة ومهام إلعاد، وتستثمر عمق شبه نشاطها في الإعلام الجماهيري للتعريف بطرق التورط الإيديولوجية السياسية والدينية في مبادرات التنقيب والسياحة الحالية في سلوان على حساب سكانها الفلسطينيون(36) ، أسس عمق شبه ويديرها اثنان من علماء الآثار الإسرائيليين، وتتفاعل هذه المجموعة عن كثب مع مركز معلومات وادي حلوة، وهي منظمة فلسطينية مهمتها بناء مجتمع فلسطيني قوي، ومطلع، ومشارك، وتوفير التعليم والترفيه. دورات للشباب(37). وتقول عمق شبه، في معرض انتقادها لأنشطة إلعاد، أن “الاكتشاف الأثري لا ينبغي ولا يمكن استخدامه لإثبات ملكية أي أمة أو مجموعة عرقية أو دين لمكان معين. علاوة على ذلك، فإن مصطلح “موقع أثري” لا يشير فقط إلى طبقات التنقيب في الموقع، ولكنه يشير أيضاً إلى سماته الحالية -أي الأشخاص الذين يعيشون فيه أو بالقرب منه، كما أنه يشير إلى ثقافتهم وحياتهم اليومية واحتياجاتهم(38). وأثبتت عمق شبه في العديد من مشوراتها عن كيفية التلاعب بالعديد من المبادرات الحديثة التي قامت بها إلعاد في الاكتشافات الأثرية في سلوان لتسليط الضوء على السردية اليهودية، مع تجاهل كل من الإرث التاريخي والثقافي -وكذلك حقوق الإنسان- للسكان الفلسطينيين. وأظهرت عمق شبه، كذلك، كيف أساءت إلعاد إلى المعايير العلمية والمهنية لأهدافها الأيديولوجية بما يستلزم لتهويد هذا الحي الفلسطيني(39).
تتوجه جهود التوعية التي تبذلها عمق شبه، بما في ذلك الجولات الأثرية البديلة لمدينة داوود، والكتيبات، والنشرات الإخبارية المنتظمة، والموقع الإلكتروني النشط، في الغالب نحو المعلمين والصحفيين والسياسيين، بعضهم محليين، ولكن معظمهم من خارج البلد. واكتسبت أنشطتها بعض الزخم بين عامة الناس، غير أنها في وضع غير موات بشكل واضح مقارنة بجهود إلعاد في التواصل، حيث تمتلك إلعاد ملايين الدولارات تحت تصرفهم، فضلاً عن استراتيجيات التسويق التي أثبتت فعاليتها في تطوير متنزهات ترفيهية أخرى، على الصعيدين الوطني والدولي. بالإضافة إلى ذلك، تخلق إلعاد حقائق على الأرض يمكن استهلاكها، من خلال التنقيب عن الآثار وترميمها، والحصول على منازل فلسطينية، وبناء منازل للمواطنين اليهود، وبناء البنية التحتية السكنية والسياحية. في حين غالباً ما يقتصر عمل عمق شبه، من ناحية أخرى، على رفع مستوى الوعي بين الجمهور وتقديم المعلومات للراغبين في دراسة الحالة بشكل نقدي. إن الوصول إلى الجماهير من خلال الأساطير والتقاليد الشعبية باستخدام محفزات بصرية وصوتية فعالة ومسلية للغاية -كما تمارسها إلعاد- يعد، بشكل عام عملاً أكثر جاذبية من مقاربة عمق شبه في تركيزها على التعليقات التحليلية والنقدية التي تتعامل مع الصراع المحلي والإقليمي المحزن .
لا يمكن إنكار أنه، منذ منتصف التسعينيات، لم يعد من الممكن فصل المبادرات الأثرية في جنوب شرق التلة عن الصراع السياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما يتجلى في نضالهم من أجل الحفاظ على الأرض أو الوصول إليها والتأكد من وجودهم واستحقاق العيش في سلوان. لا يمكن لأي شخص يعيش أو يعمل أو حتى يزور سلوان أن يكون غير مبالٍ لحجم الثقل الإيديولوجي للآثار والسياحة في هذا القطاع من المدينة. لقد تم ربط جميع الحفريات الاثرية في سلوان، منذ منتصف التسعينيات، بالعديد من الأنشطة الأخرى التي تسيطر عليها البلديات والحكومة، بما في ذلك التنمية السياحية، وسياسات الفصل العنصري في البناء والإعمار الموجهة ضد الفلسطينيين، وهدم المنازل، وشراء المنازل للمستوطنين اليهود. وقد تطورت هذه الأنشطة في وقت واحد وبهدف مشترك هو تحديد أرضية الوجود اليهودي المستمر، تاريخياً وجغرافياً، وتبرير الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية. وبدت هذه الاستثمارات، منذ أن تولت إلعاد الدور الرسمي لإدارة حديقة مدينة داود الأثرية في العام 2002، منسقة بشكل أكثر فاعلية ومتشابكة بشكل لا رجعة فيه، على الرغم من الجهود المبذولة لإخفاء التنقيب والتنمية السياحية على أنها مؤطرة علمياً وذات دوافع ثقافية.
الضوء في آخر النفق؟
نشر رايش وشكرون، في العام 1999، مقالاً في مجلة آثار شهيرة بعنوان “ضوء في نهاية النفق: نظرية عمود وارن لغزوات داود المحطمة”(40). كان لهذا المقال، وللحفريات التي استند إليها الباحثان في كتابته، القدرة على تحرير التلة الجنوبية الشرقية من عبئها الطويل لتقديم الدليل المادي للرواية التوراتية عن غزو الملك داود. فعلى مدى ما يقرب من 150 عاماً، كانت نظرية وارن القائلة بأن الإسرائيليين استخدموا حفرة عمودية بالقرب من نبع جيحون لغزو أورشليم والاستحواذ عليها من اليبوسيين تلاقي قبولاَ واسعاً بين الباحثين، وكانت نقطة جذب لأي شخص يزور سلوان. غير أن أثبتت أعمال رايش وشكرون أثبتت أن عمود وارين لم يكن متاحاً إلا بعد حوالي مائتي عام من هذا الفتح الأسطوري، والذي يعود تاريخه إلى حوالي 1000 ق.م. كما أظهروا أيضاً أن أكثر ميزات الموقع إثارة للإعجاب، بما في ذلك التحصينات والمنشآت المائية، بنيت خلال العصر البرونزي الوسيط، أي قبل فترة طويلة من عهدي الملك داود والملك سليمان. ولكن، وعلى الرغم من حقيقة أن نظرية غزو داود عبر حفرة وارن فقدت مصداقيتها، فقد قوبلت المرافق التي أنشأت تحت الأرض والتي تتوسع بسرعة باهتمام وحماس متزايد بين السياح والزوار. وأثبتت هذه المرافق، التي تتكون من تجاويف وتشققات طبيعية بالإضافة إلى أنفاق وقاعات مبنية، تم إنشاء العديد منها في السنوات الأخيرة فقط، أنها أرضية مناسبة لإعادة تمثيل مغامرة مستكشفي المدينة في الماضي والحاضر وتجربة ألغاز الروايات التوراتية والتاريخية التي تدور أحداثها في القدس.
تم التعرف على هذه الإمكانات واستخدامها في سياق الدائرة المنطقية القديمة التي توفر رابطاً مباشراً بين مدينة داوود في سلوان وساحة الحائط الغربي في الحي اليهودي. يبدأ طريق الأنفاق، والذي يشار إليه باسم شارع ونفق هيرود(41)، عند بركة سلوام بالقرب من الطرف الجنوبي لمدينة داود ويعود إلى السطح في موقف جفعاتي. ويمكن للزوار، من هناك، الاستمرار في السير عبر جزء آخر تحت الأرض وتحت أسوار المدينة القديمة ليخرجوا عبر شارع هيرود الذي يمتد تحت قوس روبنسون ويؤدي إلى الركن الجنوبي الغربي من الحرم القدسي. وبخلاف المنطقة القريبة من بركة سلوام، والتي تتكون من ساحة مرصوفة وجزئين متوازيين من الشوارع المتدرجة، يتكون معظم المسار من قناة تصريف تم الكشف عنها (في أقسام قصيرة) عن طريق حملات استكشافية مختلفة أجريت خلال القرن الماضي(42). وتم تصميم هذا النظام لنقل المياه العادمة -جريان مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي- أولاً إلى الوادي الأوسط ثم جنوباً، ليتدفق خارج المدينة. وعلى الرغم من الإعلان عن هذ المضمار باعتباره المسار الذي سلكه حجاج فترة الهيكل الثاني صعوداً من مدينة داود إلى جبل الهيكل، إلا أنه لم يتم الاحتفاظ سوى بأجزاء قليلة من الرصيف الأصلي الذي يعلو القناة (انظر الشكل 30)(43).
لم يتم الاحتفاظ بالمسار الأصلي. لا يمكن إعادة بناء تاريخها بشكل كامل ودقيق(44). واستلزم تطهير هذه القناة بناء منشآت دعم معقدة للغاية وقوية مصنوعة من أكوام الأسمنت والصلب – بملايين الدولارات- ومع ذلك فإن عدم جدوى هذا المشروع واضح من وجهة نظر أثرية، ربما أكثر من أي موقع حفريات آخر في القدس. لم تكشف الحفريات الأخيرة عن أي شيء لم يكن معروفاً من قبل ولم تعد بتقديم أي بيانات مفيدة أو تعزيز المعرفة فيما يتعلق بالتسلسل الزمني أو الوظيفة أو الطوبوغرافي للمنطقة. بل كان الغرض منه تقوية الرواية اليهودية عن الحج إلى المدينة المقدسة، وكذلك خلق رابط ملموس وأيديولوجي بين فترتي الهيكل الأول والثاني، بين مدينة داود وجبل الهيكل، وأخيراً بين إسرائيليي ويهود الماضي و إسرائيليي ويهود الحاضر. إن تقوية الروابط اليهودية بالحي وتقويض وضعية السكان الفلسطينيين وجذورهم التاريخية وحقوقهم المدنية الحالية، هي حقائق مترابطة تؤدي إلى حقائق ملموسة تحت الأرض وفوقها، وتغلق الواقع الذي لا رجعة فيه على الاحتلال الإسرائيلي.
ماذا الذي يمكن أن ينيره لنا الضوء القادم من نهاية الأنفاق التي حفرت مؤخراً؟ ما هي الألغاز والأسرار العلمية التي تم كشفها وإظهارها لو تم فضح نظرية الفتح الداوودي الأسطورية؟ وكيف تستقطب هذه الأمور الاهتمام بين مئات وآلاف من السياح سنويا؟ من المؤكد أن النتائج الأثرية في سلوان تحمل قيمة جوهرية وهي مفيدة فيما يتعلق بالتاريخ المبكر للقدس، على وجه الخصوص فيما يتعلق بأنظمة المياه وتحصين المدينة. ولكن على الرغم من التركيز المستمر للبعثات على الفترات المبكرة والتركيز القليل على الفترات ما بعد البيزنطية، فإن أهمية الاكتشافات المتعلقة بالسردية التوراتية محدودة، إن لم تكن غائبة تماماً، للفترات المرتبطة بحكم داود وسليمان.
يبدو أن القداسة التي تحملها مدينة داود للبعض حديثة وذات دوافع أيديولوجية وليست راسخة في إرث قديم مقدس.
هوامش الفصل السابع
1- في التحول الديموغرافي الأخير في سلوان، انظر، Hasson, “East Jerusalem Remains ‘Arab.’ ”
2- فيما يتعلق بالهندسة المعمارية المتناقضة والبنية التحتية الحضرية، مما يعكس المساحات المستخدمة من قبل القرويين الفلسطينيين وأيضا المستوطنين اليهود وبلدية القدس في الغالب للتنمية السياحية، انظر، Greenberg and Mizrachi, From Shiloah to Silwan, 34–39.
3- انظر، Greenberg, “Towards an Inclusive Archaeology,” 38–41.
4- للزيادة الكبيرة في الأعداد في السنوات الأخيرة ومختلف الإحصاءات المتاحة. انظر، Pullan et al., Struggle for Jerusalem’s Holy Places, 83.
5- الاستثناء هو عالم الآثار يوناثان مزراحي ورفائيل غرينبيرغ ، اللذين نشروا على نطاق واسع الآثار السياسية للنشاط الأثري الأخير في سلوان. انظر، Mizrachi, Archaeology in the Shadow of the Conflict; Mizrachi, From Silwan to the Temple Mount; Greenberg, “Contested Sites: Archaeology and the Battle for Jerusalem,” Jewish Quarterly 208 (2007): 20–26; Greenberg, “Extreme Exposure;” Greenberg, “Towards an Inclusive Archaeology;” and Greenberg and Mizrachi, From Shiloah to Silwan.
6- يرجع تاريخ نفق سلوام والنقوش المنقوشة فيه تقليديًا إلى عهد الملك حزقيا (725-698 ق.م). انظر R. Amiran, “The Water Supply of Israelite Jerusalem,” in Yadin, Jerusalem Revealed, 78; and Younger, “The Siloam Inscription,” 145–46. ، أكد التأريخ الإشعاعي الأخير للنفق الرؤية التقليدية. A. Frumkin, A. Shimron, and J. Rosenbaum, “Radiometric Dating of the Siloam Tunnel, Jerusalem,” Nature 425 (2003): 169–71 وتناقش غالور وبلودهون (Archaeology of Jerusalem, 47) بأن النفق يجادلون بأن النفق أقيم في عهد الملك منسى (696-642 قبل الميلاد). تم دحض الاقتراح القائل بأنه تم بناؤه خلال فترة الحشمونيين. (J. Rogerson and P. R. Davies, “Was the Siloam Tunnel Built by Hezekiah?” The Biblical Archaeologist 59 (1996): 138–49) was refuted (R. S. Hendel, “The Date of the Siloam Inscription: A Rejoinder to Rogerson and Davies,” The Biblical Archaeologist 59 (1996): 233–37). بخصوص الحفريات في كنيسة سلوام, انظر، Bliss and Dickie, Excavations at Jerusalem, 178–210 وعن نقش ثيودوتوس، انظر، L. I. Levine, Jerusalem: A Portrait of the City in the Second Temple Period (538 B.C.E.–70 C.E. (Philadelphia: Jewish Publication Society, 2002), 272–73; and L. I. Levine, The Ancient Synagogue: The First Thousand Years (New Haven, Connecticut: Yale University Press, 2000), 52–85.
7- حول الآراء العلمية والعامة المتعلقة ببعثة باركر ، انظر، Silberman, God and Country, 180–98; and Silberman, “Solomon’s Lost Treasures.” بالنسبة للتوثيق العلمي للمسح تحت الأرض ، والذي لا يزال يحظى بتقدير كبير من قبل العلماء اليوم، انظر، Vincent, Jérusalem sous terre.
8- انظر، Reich, Excavating the City of David, 13.
9- انظر، Reich, Excavating the City of David, 152–58; and R. Reich and E. Shukron, “Light at the End of the Tunnel,” Biblical Archaeology Review 25, no. 1 (1999): 26–33.
10- انظر حفريات ماكاليستر ودنكان في تل أوفيل؛ و حفريات كراوفوت فيتزغرالد في الواد Tyropoeon. كما أجرى ويل أيضاً موسماً ثانياً من الحفريات بتمويل من روتشيلد.
11- انظر، Macalister and Duncan, Excavations on the Hill of Ophel, 52.
12- أشار ماكاليستر ودنكان إلى أولى طبقات الحجر الظاهرة باسم “منحدر يبوسي”. انظر، Macalister and Duncan, Excavations on the Hill of Ophel, 52. وقام كل من كينون وشيلوه بتأريخ المدرجات تحت البنية من القرن الرابع عشر إلى القرن الثالث عشر ق.م، ومكونات مختلفة من الفترة الهلنستية، انظر، Kenyon, Jerusalem, 115–33; Kenyon, Digging Up Jerusalem, 192–93; and Y. Shiloh, Excavations at the City of David, I: 1978–1982, Interim Report of the First Five Seasons (Qedem 19; Jerusalem: Institute of Archaeology, Hebrew University, 1984), 16–17. وحسب شتاينر التي نشرت تقرير كينيون النهائي، يجب أن يعود تاريخ البنية التحتية إلى القرن الثاني عشر ق.م. والعباءة الهيكلية الفوقية للقرن العاشر ق.م، انظر، M. L. Steiner, “Redating the Terraces of Jerusalem,” Israel Exploration Journal 44 (1994): 20; Steiner, “The Evidence from Kenyon’s Excavations in Jerusalem: A Response Essay,” in Vaughn and Killebrew, Jerusalem in Bible and Archaeology, 351–60; Steiner, Excavations by Kathleen M. Kenyon, 43–53. ووفقاً لكاهيل الذي نشر تقرير شيلوه النهائي، تم بناء الهيكل الحجري المدرج بأكمله كوحدة معمارية واحدة في الفترة من القرن الثالث عشر إلى القرن الثاني عشر ق.م، انظر، J. M. Cahill, “Jerusalem at the Time of the United Monarchy: The Archaeological Evidence,” in Vaughn and Killebrew, Jerusalem in Bible and Archaeology, 42; J. M. Cahill, “Jerusalem in David and Solomon’s Time. It Really Was a Major City in the Tenth Century b.c.e.,” Biblical Archaeology Review 30, no. 6 (2004): 25–26. قام مزار بتقسيم هيكل الحجر المتدرج إلى خمسة مكونات، انظر، A. Mazar, “Jerusalem in the 10th Century b.c.e.: The Glass Half Full,” in Essays on Ancient Israel in Its Near Eastern Context: A Tribute to Nadav Na’aman, ed. Y. Amit, E. Ben Zvi, I. Finkelstein, and O. Lipschits (Winona Lake, IN: Eisenbrauns, 2006), 257–59. ووفقاً لمزار كان الهيكل الحجري المدرج جزءً من نفس المجمع مثل الهيكل الحجري الكبير، والذي يمثل، في رأيها، قصر الملك داوود، انظر، E. Mazar, Preliminary Report on the City of David Excavations at the Visitors Center Area (Jerusalem: Shalem Press, 2007), 44–49. وحول تحليل حديث للهيكل الحجري المدرج، انظر، Finkelstein et al., “Has King David’s Palace in Jerusalem Been Found?” Tel Aviv 34 (2007): 150–54.
13- انظر، Cahill, “Jerusalem at the Time of the United Monarchy,” 53.
14- انظر، Kenyon, Jerusalem, 35, 65–66.
15- قامت بتعديل إعادة بنائها لمدينة صغيرة من العصر الحديدي بعد اكتشاف أفيغاد للجدار العريض، ومع ذلك، لا تزال تصر على أن التلة الغربية بقيت غير مبنية، انظر، See Reich, Excavating the City of David, 115–16.
16- للمزيد من البيانات عن المسح الموجز للحفريات الإسرائيلية في جنوب شرق التل، انظر، Reich, Excavating the City of David, 118–42, 263–69. ومن للحصول على أوصاف أكثر تفصيلاً ، بالإضافة إلى الحفريات الأخرى الأصغر حجمًا ، راجع التقارير الأولية في دورية Hadashot Arkheologiyot
17- انظر، Shiloh, Excavations at the City of David; D. T. Ariel, Excavations at the City of Da-vid 1978–1985, vols. 2 and 5 (Jerusalem: Institute of Archaeology, Hebrew University, 1990); A. De Groot and D. Ariel, Excavations at the City of David 1978–1985, vols. 3, 4, and 5 (Jerusalem: Institute of Archaeology, Hebrew University, 1990)
18- انظر، E. Mazar, “Did I Find King David’s Palace?” Biblical Archaeology Review 32, no. 1 (2006): 16–27, 70; E. Mazar, Preliminary Report. ومقابل وجهة نظرها ، انظر، Finkelstein et al., “King David’s Palace”; and A. Faust, “Did Eilat Mazar Find David’s Palace?” Biblical Archaeology Review 38, no. 5 (2012): 47–52, 70.
19- انظر، Reich and Shukron, “Light at the End of the Tunnel”; Reich, Excavating the City of David, 154–77.
20- انظر، Reich, Excavating the City of David, 225–244.
21- انظر، Reich, Excavating the City of David, 229.
22- قام رايش وشكرون في العام 2003 بإجراء تنقيب تجريبي، انظرReich and Shukron, “Jerusalem, City of David, the Giv’ati Car Park,” Hadashot Arkheologiyot 117 (2005).، وبدأ بن عامي وتشيخانوفيتس أعمال تنقيب في العام 2007/ انظر، “Jerusalem, Giv’ati Parking Lot,” Hadashot Arkheologiyot 120, (2008); and “Jerusalem, Giv’ati Parking Lot,” Hadashot Arkheologiyot 122 (2010).
23- ذكرت بركة سلوام في العديد من خرائط العصور الوسطى للمدينة، مثل خريطة كامبراي على سبيل المثال.
24- للحصول على عرض لحوض سلوام ، انظر ، على سبيل المثال ، خريطة كامبراي. حول فك نبع جيحون في العصر المملوكي انظر، Reich, Excavating the City of David, 341.
25- قام ماكاليستر ودنكان وكراوفوت فيتزغرالد بنشر بعض القطع والأواني الفخارية في العصور الوسطى والإسلامية. انظر Macalister and Duncan, Excavations on the Hill of Ophel, 196–201; and Crowfoot and FitzGerald, Excavations in the Tyropoeon Valley, vol. 4, plates 22 and 23, and vol. 5, plates 14, 15, and 16. ، ونشر وارن مصباح زجاجي كبير مزخرف من الفترة المملوكية، انظر، C. Warren and C. R. Conder, The Survey of Western Palestine: Jerusalem, (London: Palestine Exploration Fund, 1884), 540.
26- حول القيمة التاريخية الخاطئة للتوصيف الكتابي انظر I. Finkelstein and N. A. Silberman, The Bible Unearthed: Archaeology’s New Vision of Ancient Israel and the Origin of Its Sacred Texts (New York and London: Free Press, 2001).، وانظر، بشكل أكثر تحديدا عن الفترة المتعلقة بالملكين داود وسليمان J. Uziel and I. Shai, “Iron Age Jerusalem: Temple-Palace, Capital City,” Journal of the American Oriental Society 127 (2007): 161–70.
27- اعتبر البعض عدم وجود بقايا أثرية دليلاً على أن القدس كانت في أحسن الأحوال موقعاً صغيراً جداً وليس بالتأكيد مركزاً إدارياً. ووفقاً لأوسيشكين (“Solomon’s Jerusalem: The Text and the Facts on the Ground,” in Vaughn and Killebrew, Jerusalem in Bible and Archaeology, 103–15) يشير الافتقار إلى الأدلة الأثرية إلى أن القدس كانت في أفضل الأحوال موقعاً صغيراً جداً. وبالنسبة لكل من لامكة وتومسون (“Did Biran Kill David? The Bible in the Light of Archaeology,” Journal for the Study of the Old Testament 64 (1994): 3–22) كانت المملكة المتحدة ودولة يهوذا حتى القرن الثامن (وإلى حد ما حتى بعده) من نسج خيال المؤلفين المتأخرين للنص الكتابي.
28- انظر، E. Mazar, The Complete Guide to the Temple Mount Excavations (Jerusalem: Shoham Academic Research and Publication, 2002); E. Mazar, Preliminary Report; N. Na’aman, “The Contribution of the Amarna Letters to the Debate on Jerusalem’s Political Position in the Tenth Century BCE,” Bulletin of the American Schools of Oriental Research 304 (1996): 17–27; and Cahill, “Jerusalem in David and Solomon’s Time.”
29- انظر، C. Warren, Underground Jerusalem (London: Palestine Exploration Fund, 1876), 149.
30- انظر، Reich, Excavating the City of David, 140; Greenberg, “Towards an Inclusive Archaeology,” 41; and M. Feige, “The Vision of the Broken Bones: Haredim vs. Archaeologists in the City of David, 1981,” in Israeli Haredim: Integration without Assimilation, ed. E. Sivan and K. Kaplan, 56–81 (Jerusalem: Van-Leer Institute, 2003).
31- انظر، Reich, Excavating the City of David, 1–4.
32- تأسست إلعاد في العام 1986.
33- حول تاريخ أنشطة إلعاد في سلوان ، انظر التقرير المفصل على موقع عمق شبه www.alt-arch.org/settlers.php.
34- بناءً على وثائق هيئة الآثار الإسرائيلية الداخلية، التي نشرتها عمق شبه للجمهور مؤخراً، تم تأسيس العلاقات الوثيقة والتعاونية بين الهيئة وبين إلعاد، وفي الواقع، تفوقت إلعاد على الهيئة. انظر، R. Greenberg, A Privatized Heritage: How the Israel Antiquities Authority Relinquished Jerusalem’s Past (Jerusalem Emek Shaveh, 2014), 6 and 51.
35- أظهر غرينبيرغ أن إلعاد حلت، في السنوات الأخيرة، محل الوكالات الحكومية التي هي جزء من السلطة، وبالتالي فإن التراث في أيدي منظمة غير حكومية.، انظر، Greenberg, A Privatized Heritage.
36- شاركت منظمة عمق شبه، منذ تأسيسها في العام 2008، شاركوا في العديد من المعارك القانونية مع إلعاد، والتي نجحت في الغالب في إبطاء حملات إلعاد لإجلاء الفلسطينيين من الحي وبناء مركز كيدم. انظر على سبيل المثال، A. Selig, “Jerusalem Court Halts Silwan Construction” The Jerusalem Post, September 10, 2009; D. K. Eisenbud, “Appeal Sent to Attorney General to Halt Elad Acquisition of Jerusalem Archaeological Park” The Jerusalem Post, March 10, 2014; N. Hasson, “Legal Challenges Mounted Against Planned Visitor Center in East Jerusalem” Ha’aretz, January 1, 2014; and Eisenbud, “NGO Petitions High Court to Prevent Closure of Area in Silwan,” The Jerusalem Post, September 6, 2015.
37- للمزيد عن مهمات وأنشطة مركز معلومات وادي حلوة، انظر، www.silwanic.net.
38- عن بيان مهمة عمق شبه انظر، Mizrachi, Remaking the City: Archaeological Projects of Political Import in Jerusalem’s Old City and in the Village of Silwan (Jerusalem: Emek Shaveh, 2013), 2; and at http://alt-arch.org/en/about-us. وانظر أيضاً Noy, “Peace Activism in Tourism: Two Case Studies (and a Few Reflections) in Jerusalem,” in Peace through Tourism: Promoting Human Security Through International Citizenship, ed. L. Blanchard and F. Higgins-Desbiolles (New York: Routledge, 2013), 211.
39- لمزيد من التعليقات شديدة الانتقادات لأنشطة إيلاد الاستيطانية ذات الدوافع الأيديولوجية في القدس الشرقية واستخدامهم لعلم الآثار بدوافع سياسية، انظر، Pullan and Gwiazda, “City of David”; J. Yas, “(Re)designing the City of David: Landscape, Narrative and Archaeology in Silwan,” Jerusalem Quarterly File 7 (2000): 17–23; and Greenberg, “Towards an Inclusive Archaeology.”
40- انظر، Reich and Shukron, “Light at the End of the Tunnel.”
41- للحصول على وصف تفصيلي لمختلف الأقسام التي تم الكشف عنها منذ القرن التاسع عشر ، وكذلك الحفريات الأخيرة، انظر، Reich and Shukron, “The Second Temple Period Central Drainage Channel in Jerusalem—Upon the Completion of the Unearthing of Its Southern Part in 2011,” in City of David Studies of Ancient Jerusalem. The 12th Annual Conference, ed. E. Meiron, 68*–95* (Jerusalem: Megalim City of David Institute for Jerusalem Studies, 2011).
42- تم اكتشاف الجزء الشمالي، بالقرب من قوس روبنسون، لأول مرة بواسطة تشارلز وارن ثم اكتشفه بنيامين مزار لاحقاً. تم اكتشاف الجزء الجنوبي في البداية بواسطة بليس وديكي. وفقاً لرايخ وشكرون، ربما تم ضم مقطعين متوازيين من الشوارع عند نهايتهما الجنوبية، حيث كان العرض سيمتد إلى الساحة المرصوفة بالقرب من بركة سلوام. انظر، Reich and Shukron, “Second Temple Period,” 82*.
43- انظر البيان الصحفي الصادر عن هيئة الآثار الإسرائيلية، www.antiquities.org.il/article_Item_eng.asp?sec_id = 25&subj_id = 240&id = 1782&module_id = # بالإضافة إلى الفيديو الترويجي www. facebook.com/video/video.php?v=484268573692.
44- فيما يتعلق بصعوبة تأريخ القناة انظر، Reich and Shukron, “Second Temple Period,” 88*–89*.
عن مركز الجرمق للدراسات