الأبرتهايد… والمعركة القادمة في إسرائيل/فلسطين


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

أورن يفتحئيل

هآرتس 6/3/2019

حملة الانتخابات آخذة في أن تظهر كهروب كبير من المسألة الرئيسية لمستقبل إسرائيل. وهي الأبرتهايد الذي يتشكل بين اليهود والفلسطينيين. العمى والصمت الحاليان يزيدان المشكلة. رد المعسكر الديمقراطي يجب أن يكون بلورة جبهة واسعة ضد نية «كتلة الأبرتهايد» (اليمين) لتشكيل نظام كولونيالي بين النهر والبحر.الانتخابات القريبة القادمة سبق لها وأسقطت عدداً من الشهداء في الميدان السياسي، بالأساس من يؤيدون العملية السلمية وعلى رأسهم تسيبي لفني. حتى الأقلية العربية تظهر الميل المتزايد لتأييد مرشحين «براغماتيين»، لا يخلطون بين وضعهم المحزن في الدولة وبين القضية الفلسطينية. يبدو أن حملة التشويه ضد معارضي الاحتلال والكولونيالية للفلسطينيين تؤتي ثمارها. أربع سنوات من الفضائح والهجوم والتحريض جعلت الكثيرين يبحثون عن أعلام أخرى، مثل المساواة الاجتماعية وحماية البيئة وحقوق النساء والمثليين. المعارضة لقمع الفلسطينيين من الأفضل إخفاؤها عميقاً في الثلاجة.هكذا نشأ «عمى جغرافي» الغير الموجود في أي نظام انتخابي آخر في العالم. من جهة، ملايين الفلسطينيين الواقعين تحت سيطرة إسرائيل (مباشرة أو غير مباشرة لكنها يومية) لا يحسب لهم أي حساب على الإطلاق وليس لهم صوت في اختيار الحكومة التي تشكل حياتهم. من جهة أخرى، مئات آلاف المستوطنين الذين يعيشون في المناطق التي فيها يعيش نفس هؤلاء الفلسطينيين، مشمولون بصورة طبيعية في سجل الانتخابات الإسرائيلية.نذكر بالشيء المفهوم ضمناً: المناطق والفلسطينيون لا يذهبان إلى أي مكان. إسرائيل لا تواصل فقط توطين المناطق من خلال عملية كولونيالية شاملة، بل تواصل السيطرة على الفلسطينيين بقبضة حديدية، رغم التظاهر بحكم ذاتي فلسطيني في جيوب صغيرة. إن وقف الأموال التي إسرائيل مدينة بها للسلطة في رام الله، والاقتحامات المستمرة للجيش لمناطق «أ» في الضفة الغربية، وإشراف إسرائيل الدقيق على توزيع الأموال القطرية للقطاع، أظهرت في الأسابيع الأخيرة عمق سيطرة إسرائيل على الفلسطينيين.العمى الجغرافي ـ السياسة «ترى» اليهود لكنها لا ترى الفلسطينيين ـ يشير إلى عملية أعمق بكثير، التي يمكن تسميتها «أبرتهايد زاحف». تحت هذا النظام الذي يتشكل في أعقاب سبعين سنة من تهويد الدولة وخمسين سنة من الاستيطان في المناطق، نشأت وترسخت تحت حكم إسرائيل عدة أنواع من المواطنة. اليهود هم أصحاب المواطنة الكاملة في أرجاء البلاد، في حين أن الفلسطينيين مقسمون إلى فئات أدنى: مواطنين من الصنف «ب» في إسرائيل، مقيمين في شرقي القدس ورعايا في الضفة وغزة. بالمقارنة مع ما كان في حينه في جنوب إفريقيا، اليهود هم «البيض» والعرب مواطني إسرائيل هم «الملونون»، في حين أن الفلسطينيين في المناطق هم «السود». مئات المستوطنات ربطت بصورة مدنية المناطق بإسرائيل وحولت الاحتلال إلى أبرتهايد. هذا الوضع عززه قانون القومية وقانون التسوية، اللذان يرسخان سيطرة إسرائيل الشرعية بين النهر والبحر، وسياسة اقتصادية توجه معظم الموارد في البلاد لليهود.هذا الواقع آخذ في الوضوح ويقتضي إعادة صياغة لخطوط النضال السياسي. لم يعد هناك وهم وكأن الصراع هو بين اليمين واليسار مثلما هي الحال في دولة سليمة فيها معسكر محافظ ديني وقومي ورأسمالي «اليمين»، وأمامه معسكر ديمقراطي علماني متعدد الثقافات وأكثر مساواة «اليسار». في هذه الدول الصراع بين اليمين واليسار محدد بحدود جغرافية وسياسية وديمغرافية واضحة. لا يوجد أي معسكر يريد اقتحام هذه الحدود والوصول إلى مناطق جديدة وفرض سيطرته على مجموعات سكانية ليس لها مواطنة ضد رغبتها.معسكر اليمين في إسرائيل، في المقابل، يطمح بصورة مكشوفة إلى ضم مناطق للدولة دون منح المواطنة للفلسطينيين. أي مواصلة إبقاء شعب كامل تحت سيطرته بدون حقوق سياسية، في تناقض مطلق مع القانون الدولي والأخلاق الإنسانية. صحيح أيضاً أن للفلسطينيين دوراً في هذه العملية، خاصة في أعقاب عقود من الرفض واستخدام الإرهاب، لكن القوة السياسية لتشكيل المستقبل توجد تقريباً كلها في أيدي اليهود. إن ضم القوة اليهودية للأقمار التي تدور في فلك الليكود، وخطاب الغضب لبنيامين نتنياهو في أعقاب إطلاق حزب «أزرق أبيض» أزالت بقايا الأقنعة. الهدف هو الحرب ضد حقوق الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر وفي كل العالم.إذا قمنا بإزالة الغبار عن الخطاب التاريخي الديني أو العسكري فسنرى أن كل أحزاب اليمين تعلن عن تأييدها لضم المستوطنات ومواصلة قمع الفلسطينيين. الأحزاب الأصولية تنضم إلى هذه الآلية فعلياً. لذلك يجب البدء بتسمية معسكر اليمين في هذه الانتخابات بـ «كتلة الأبرتهايد». فوزه المحتمل في الانتخابات يرسم استمراراً لهذه العملية في السنوات القادمة؛ أنواع المواطنة غير المتساوية ستستمر وتترسخ تحت النظام نفسه وسيتعمق نظام الأبرتهايد بين النهر والبحر.ما هو الرد المناسب؟ أصحاب الرؤية الديمقراطية من اليمين وحتى من اليسار يجب عليهم خلق جبهة ضد الأبرتهايد منذ هذه الانتخابات. رغم الفوارق الكبيرة في مجالات أخرى، هذا عالم مشترك يمكنه تجميع القوى والطاقات لاتجاهات مختلفة ـ من حزب «كلنا» و«غيشر» و«أزرق أبيض» وحتى الأحزاب العربية. فلسطينيون ويهود، شرقيون وأشكناز، أثرياء وفقراء، جبهة ضد الأبرتهايد ترفع هذا الخطاب إلى مركز المنصة. يمكنها أيضاً سحب أصوات من مؤيدي اليمين ذوي الأجندة الديمقراطية.الحديث عن «احتلال هناك وديمقراطية هنا» وعن «يمين مقابل اليسار»، أفلس. لأنه فقد الصلة مع الواقع. يجب استبدال المفاهيم التي تحرك النظام. مفهوم «أبرتهايد» يعتبر في أوساط جمهور كبير شتيمة، لكن يجب اعتباره وصفاً لواقع سياسي متوحش، الذي يعتبر جريمة خطيرة في القانون الدولي. كلمة «احتلال» ليست شيئاً غير قانوني، لذلك يمكن لإسرائيل أن تستمر به لسنوات طويلة. على أحزاب اليسار والوسط رفع راية مناهضة الأبرتهايد كمحور رئيسي. هكذا يمكنه ربما كسر العلاقة بين الكتل، وتجنيد تأييد دولي ضد النظام الآخذ في التشكل وخلق تحالف بين مؤيدي الديمقراطية والسلام على جانبي المتراس القومي.كما تظهر نزاعات ذات صفة مشابهة مثلما في إيرلندا والبوسنة وجنوب إفريقيا، فإن لوضع الأبرتهايد عدة حلول محتملة، بما في ذلك التقسيم إلى دولتين، فيدرالية، كونفيدرالية أو دولة ديمقراطية واحدة في النهر والبحر. لن يطرح أي حل من هذه الحلول كخيار واقعي دون نضال مصمم ضد نظام تمييزي آخذ في التشكل في أرض إسرائيل/ فلسطين.تغيير الخطاب عملية تستغرق سنوات، ويبدو أنه لن يحدث في الحملة الانتخابية الحالية، لكن كل صوت ينشغل بذلك سيساهم في اقتحام العمى الجغرافي والسياسي. النضال ضد الأبرتهايد هو كما يبدو المعركة الكبرى للسنوات القادمة في إسرائيل/ فلسطين. لا يوجد وقت أنسب للبدء به منذ الآن.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: فريق التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *