اضاءة على اجتماع الكابنيت الاسرائيلي

  1. هل يشكل القانون الاسرائيلي بحظر الاونروا فرصة فلسطينية

أفرد المجلس الوزاري المقلص للشؤون الامنية والسياسية (الكابنيت) حيزا واسعا في جلسته المطوّلة يوم 20/10 الى مسألة مشروع قانون حظر الاونروا والذي يحظى بمصادقة من 100 عضو كنيست، اي بأوسع اجماع قومي صهيوني في الائتلاف والمعارضة على حد سواء، والذي من المقرر ان يتم اقراره في القراءتين الثانية والثالثة ليدخل حيز التنفيذ في 28/11/2024.

تم التركيز على مسألة القانون في اعقاب الاوضاع الانسانية الكارثية في غزة، والتي تتحمل اسرائيل مسؤوليتها نتيجة لسياسة التطهير العرقي والمجازر الدموية المستدامة، ونتيجة للقرار الحكومي بإخضاع المساعدات الانسانية في القطاع الى مسؤولية الجيش بكل اسقاطات ذلك على اعتبار القطاع منطقة محتلة.

في اطار التركيز على المسألة الانسانية والتي وردت في رسالة وزيري الخارجية والدفاع الامريكيين بلينكين واوستن والتي تعتبر الرسالة الاكثر حدّة منذ عشرات السنين، تم التوقف كما في الرسالة على اسقاطات مشروع القانون الاسرائيلي القاضي بحظر الاونروا في كل المناطق الخاضعة للاحتلال الاسرائيلي غزة والقدس والضفة الغربية، بما يشمل مرافقها ومقراتها ومخازن الاغذية والمستلزمات الطبية والمدارس والعيادات والمشافي، وحظر دخول موظفيها وطواقمها الى فلسطين. بالاضافة الى اتاحة المجال لمندوبي الصليب الاحمر بزيارة الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية. وربطت الرسالة بين ممارسات اسرائيل في التجويع والتعطيش والتطهير العرقي والمجازر وبين قرارات كل من فرنسا وايطاليا حظر تصدير الاسلحة الى اسرائيل وهي ظاهرة من شأنها ان تتسع في اوروبا. هذا الامر ممكن ان يفسر الرد الهستيري من قبل نتنياهو ووزير خارجيته كاتس على الرئيس الفرنسي ماكرون.

الجانب الاخر المقلق امريكيا في مسألة قانون حظر الاونروا فيما لو أقره الكنيست، هو ارتدادات ذلك على وضعية اسرائيل وحتى امكانية طردها قانونيا من عضوية الامم المتحدة. اذ ان قرارها بحظر منظمة اممية منبثقة عن الامم المتحدة يشكل انتهاكا قانوني جوهريا لميثاق الامم المتحدة وتستدعي طردها. فيما حذّر ممثلو وزارة الخارجية في اجتماع الكابنيت من ان مثل هذا القرار فيما لو اصبح على جدول اعمال الامم المتحدة له تداعيات على شرعية اسرائيل دولياً، ويوفر دفعة كبيرة لمقاطعتها من قبل دول اخرى، على غرار ما بدأ في حظر بيع الاسلحة لاسرائيل.

للخلاصة:

  • سواء واصل الكنيست الاسرائيلي اجراءات اقرار قانون حظر الاونروا، ام قام بتجميد الاجراء التشريعي، فإنه يشكل فرصة فلسطينية وعربية ودولية مناصرة للعمل على تدويل المسألة كأساس لحملة نحو اتخذ اجراءات قانونية في الامم المتحدة لغاية الطرد من عضويتها.
  • يشكل القانون فرصة لحملة لتعزيز مكانة الاونروا، ومن خلالها مسألة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين وتحصين حق العودة.
  • تشير اعادة النظر في قانون الاونروا والذي يحظى باجماع قومي صهيوني الى ان اسرائيل رغم تظاهرة الغطرسة وعدم الاكتراث تخشى اسقاطات اخضاعها للمساءلة القانونية والشرعية الدولية، وهو عنصر جدير بالاستغلال سياسيا فلسطينيا وعربيا.
  • هل ستتدخل اسرائيل في دور الوسطاء في مفاوضات الصفقة؟

تصدرت جدول الكابنيت يوم 20/10 قضية الاسرى والمحتجزين في غزة، ووفقا للناطق باسم رئيس الحكومة نتنياهو فقد شهد الاجتماع “استعراض افكار جديدة لفحص احتمالية منحى واطار لتحرير المحتجزين”. فيما اشار موقع واينت الى “التوافق بين الوزراء الاعضاء بأن قطر قد تحولت الى الوسيط المركزي”.

يأتي ذلك في اعقاب زيارة رئيس جهاز الشاباك الى القاهرة والاجتماع مع نظيره المصري الجديد في منصبه. وقد لاقت زيارة رئيس الشاباك انتقادات واسعة من اوساط الليكود واليمين  ومن القنال 14 ودعوات لنتنياهو بإقالة رئيس الشاباك وبتغيير تركيبة الطاقم المفاوض بتغيير مندوب الجيش، والابقاء على رئيس الموساد والى جانبه اعضاء جدد تختارهم الحكومة.

تأتي التقديرات بخصوص مركزية دور قطر والتعويل عليها في اعقاب تصفية رئيس حركة حماس يحيى السنوار، ورهان حكومة نتنياهو على اضعاف الجناح “الموالي لايران”، وباعتبار ان قادة حماس الخارج يقيمون في معظمهم في قطر, والى ان المفاوضات ستكون أسهل بعد السنوار، حيث ينتقل مركز ثقل حماس الى الخارج وفقا للنظرة الاسرائيلية السياسية الحاكمة. ثم ان المستوى السياسي ينظر الى ان العلاقات مع مصر متوترة وغير مستقرّة وهي ليست محصورة بصفقة التبادل وانما بمستقبل قطاع غزة وسيطرة اسرائيل التي تتحول الى احتلال مستدام بما فيها على محور صلاح الدين/فيلادلفي ومعبر رفح ومنع ادخال المساعدات من مصر الى غزة.

سعت حكومة اسرائيل وطوال العام المنصرم اللعب على وتر الوسطاء، والمفاضلة بين الوسيطين المصري والقطري، وذلك في مسعى لكسب الوقت وتفويت فرص الصفقة التي عوّقتها حكومة نتنياهو كما تتهمه بذلك عائلات الاسرى والمحتجزين. بينما اتهم كل من مصر وقطر حكومة اسرائيل بعد الجدية وبالتلاعب وبانها معنية بالمفاوضات فحسب وليس بإبرام الصفقة. وكذا الامر في تحميل اسرائيل مسؤولية منع المساعدات الانسانية ومواصلة اعمال الابادة والتهجير.

للخلاصة:

  • تعود الى الواجهة الصراعات المنظوماتية الاسرائيلية بعد بضعة اسابيع من الهدوء، وتبدو جدية احتمالية قيام حكومة نتنياهو بتغيير صيغة الطاقم المفاوض وإلقاء مسؤولية الاخفاق على رئيس الشاباك وممثل الجيش، مما يكسبها وقتا اضافيا في المناورات السياسية بصدد صفقة التبادل والتهدئة في غزة.
  • تراهن حكومة نتنياهو على ان حماس ما بعد السنوار سوف تذعن للاملاءات الاسرائيلية بما فيها ترسيخ احتلال القطاع وتقسيمه، وعلى موافقة حماس على فك الارتباط مع جبهات الاسناد ووحدة الساحات.
  • لا تزال القناعة الاساسية في الحكومة بأن احتمالية الصفقة مستبعدة، وبأن المشروع الاسرائيلي في غزة لم يكتمل بعد ولا اقليميا.
  • من تداعيات استهداف منزل نتنياهو بالمسيّرة

بحث الكابنيت تداعيات عملية المسيّرة من لبنان والتي استهدفت منزل نتنياهو وعائلته في بلدة قيساريا في وسط الطريق بين حيفا وتل ابيب. واعتبرها “محاولة ايرانية لاغتيال رئيس الحكومة وزوجته”. وكان مصدر “رفيع المستوى” في اشارة الى نتنياهو، قد صرّح فور بلغ المسيّرة هدفها بأنها “محاولة ايرانية” وذلك قبل صدور اي تقدير من الجيش الذي اكد انها مسيّرة حزب الله في لبنان، وبأن الدفاعات الجوية اخفقت في رصدها وتتبعها وفي اعتراضها ودونما تشغيل صفارات الانذار. ثم اعترف الجيش بأنها كانت مراوغة حربية مبنية على قدرات مثبتة.

حصر الكابنيت نقاشه في مسألة “محاولة الاغتيال” باعتبارها “خطا احمر تجاوز كل الحدود”، هذا رغما ان هذه النوعية من المسيّرة، هي التي استهدفت قبل ايام قاعدة لواء جولاني في بنيامينا القريبة من قيساريا.

وفقا لمعظم التقديرات فإن التسويغ السياسي وليس العسكري بأنها عملية ايرانية جاء ليحقق اكثر من هدف بما فيها اهداف سياسية داخلية واهداف حربية:

في حال كانت المسيّرة ضمن عملية لحزب الله وردا على استهدافات اسرائيل في لبنان بما فيه اغتيال قادة الحزب، فإن مردودها السياسي سيكون سلبيا على نتنياهو وعلى المستويين الامني والسياسي، اذ يعتبر ذلك اخفاقا ينسف فرضية انه جرى تقويض حزب الله.

في حال اعتبارها عملية ايرانية تستهدف رموز الحكم في اسرائيل فإن ذلك يوحّد الاسرائيليين حول ضرورة الرد والانتقام من ايران واعتبار الحرب معها وجودية مما يعزز نتنياهو سياسيا باعتباره مستهدفا من بلد معادٍ.

المميز لجدول اعمال الكابنيت هو انه لم يبحث في مسألة الهجوم الاسرائيلي المتوقع على ايران. بل يبقى الامر ضمن تداولات سرية في اطار رئيس الوزراء ووزير الحرب وقائد الاركان ووزراء مؤتمنين وبالتنسيق مع وزارة الدفاع الامريكية ومع الجيش الامريكي. وهو ما جعل عدد من الوزراء يحتجون على استبعادهم من النقاش على الرد على ايران، وحصريا بعد انكشاف مستندات سرية عسكرية امريكية حول طبيعة الهجوم الاسرائيلي المزمع.

قد تكون مسألة التسريب امريكية داخلية في سياق صراعات داخل ادارة بايدن بين مع يساند هجوما اسرائيليا قد يدفع لحرب اقليمية، وبين المعارضين لذلك من منطلقات الامن القومي الامريكي، ومن منطلقات سياسية ذات علاقة بالانتخابات الامريكية.

كما هناك تقديرات محدودة تشكك برواية التسريب وتقول بأنها تأتي من باب المناورة والمراوغة وللايقاع بايران حربيا دون ان تعرف بنك اهداف العملية الاسرائيلية ولا نوعية الاسلحة المستخدمة فيها.

للخلاصة:

  • يسعى نتنياهو الى الاستفادة القصوى سياسيا من مسيرة حزب الله التي استهدفت منزله، وذلك بحجب الانظار عن الاخفاق الامني لصالح الخطر الاستراتيجي الوجودي الايراني.
  • تؤكد الحيثيات والتسريبات من البنتاغون مدى الشراكة الامريكية الحربية في اسرائيل واقليميا.
  • استبعاد الكابنيت من قضية الحرب مع ايران فيه مؤشر الى ان مدى جدية واولوية العمل الحربي الاسرائيلي ضد ايران وتداعيات ذلك اقليميا ودوليا.

عن  مركز تقدم للسياسات

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *