إنها أزمة وليست حرباً…إسرائيل وجائحة كورونا


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

كشفت الكورونا عن عورات المجتمع حيث طفت على  السطح المشاكل المختلفة التي عانى منها المجتمع في اسرائيل قبل الكورنا والتي أهملت عبر السنوات او استفحلت نتيجة للسياسات النيوليبرالية للحكومات المتتالية، بالاضافة الى تفاقم العنصرية في السنوات الأخيرة وسيطرة الفكر العسكري اليميني والذي انعكس بتعامل عسكري مع الكرونة بدل التعامل معها كازمة.

عانى المجتمع الاسرائيلي من العسكرة، وباستمرار الاحتلال حظى الجيش والمؤسسة العسكرية باهتمام بالغ. تم عبر السنوات بلورة مؤسسات الدولة بمنظور عسكري فالمؤسسة العسكرية هي بقرة مقدسة في الثقافة الاسرائيلية، والجنرالات يلقون التقدير العالي.  لذا نجد غالبية السياسين ينتقلون من قيادة الجيش الى قيادة الدولة ومؤسساتها التربوية والثقافية والتكنولجية وادارة الشركات المدنية، دون الحاجة لاثبات مهارات اخرى ودون الحاجة للتدرج في الوظائف  المختلفة وينتقل معهم الفكر والخطاب والبنية والاستراتيجية، مما يعيق تطوير بنية مدنية ومجتمع مدني صحي.

عمقت هذه السياسات الحكومية الأزمة وزادت من الأثار المرتدة للأزمة التي نتعامل مع اثارها يوميا، وقد شاهدنا في المرحلة الأولى والثانية التعامل المغيب لفئات عديدة والتعامل الفوقي والمتذبذب مع الفئات المختلفة اذ اهملت في البداية مجموعات وفئات واسعة وقضاياهم، خاصة من الطبقة العاملة والفئات المستضعفة وتبنت هذه المنظومة بنية هرمية ذكورية عسكرية  اثرت على التعامل مع الأزمة والتي ورغم النضال المدني لم تلقى الأهتمام والعناية المطلوبة ومن بينها المجتمع العربي، النساء  وجميع القضايا المرتبطة باحتيجات النساء، المعنفات، المعطلات عن العمل، النساء مع إعاقة، النساء بالقرى المنزوعة الأعتراف، المهن النسائية وكذلك المناطق النائية، العمال، كبار السن….  فقد غيبت جميع هذه القضايا عن الأجندة الحكومية والوزارات المختلفة ولم يتم التعامل معها الا بشكل جزئي وذلك بعد تفاقم الأزمات وارتفاع  وتيرة النضالات الشعبية المدنية والمطالبة والضغط من مؤسسات المجتمع المدني ومن المؤسسات النسوية خاصة.

حاول البعض تحليل الأسباب لهذا التدهور الحاد والذي باعتقادي تأثيره سيرافقنا لما بعد الكورنا ولكننا لم نجد نقاش حول مميزات هذه السياسات النيولبيرالية الذكورية والعسكرية وتاثيرها.  ولم يلتفت احد لأن التعامل لم يستند الى المعرفة عن التعامل مع الأزمات بل وجه  جل الأهتمام للحلول العسكرية وكأننا في حرب.  فغيب عن النقاش التبعات الاجتماعية والنفسية للا زمة، كما غيبت البدائل المدنية للتعامل مع الازمات.

فما هي استراتيجيات التعامل مع الأزمات مقارنة في الأستراتيجيات العسكرية المستخدمة حاليا

استراتيجيات التعامل مع الأزمات استراتيجيات التعامل العسكرية
التعامل المدني مع الجائحة استنادا الى المعرفة المتراكمة في التعامل مع الأزمات التعامل العسكري مع الجائحة استنادا الى التجربة العسكرية
رؤية الجائحة كازمة صحية ذات تبعات اجتماعية ونفسية واقتصادية رؤية الجائحة كعدو يجب محاربته
اتخاذ القرارات مهنية هرمية في اتخاذ القرارات والقرارت سياسية عسكرية،
النقاش والآختلاف صحي وييعزز الحوار واخذ المسؤولية الشخصية والجماعية محاربة الأختلاف وتعزيز السلوك القطيعي، وتكريس دور القائد الأوحد
تعزيز الحصانة الفردية والمجتمعية: اعتماد الشفافية في المعلومات وضمان مناليتها، تعزيز التكافل الأجتماعي، المسؤولية الذاتية، تعزيز القدرات المجتمعية لأخذ المسؤولية، تعزيز المبادرات والحلول المبدعة للتعامل مع الأزمة، تمكين الأفراد والجماعات للأستفادة من قدراتهم في التعامل مع الأزمة، تعزيز الشعور بالقدرة والسيطرة الغاء كل البنى المدنية وتعزيز للبنى العسكرية، مطالبة بانصياع وسلوك قطيعي دون نقد ومبادرة، وتمثل ذلك في المنظومة التي طورت للتعامل مع الأزمة والتي استعارات اسمائها وبنيتها من المؤسسة العسكرية فطورت “غرف حرب” لمحاربة هذا “العدو” (الكورونا) ونظمت “מבצע”  للتعامل مع الأزمة.

وعززت الشعور بلا حول وبالتعلق بالقائد، فاصبحنا ننتظر التعليمات بشكل يومي من القائد والذي طبعا استخدام المعلومات بشكل انتقائي، ليضمن الترهيب والتخويف، وزيادة الشعور بلا حول.

تطوير بنى مدنية فاعلة وفعالة في كل مجتمع محلي تطوير بنى عسكرية ذكورية للتعامل مع الجائحة، اعطاء مسؤوليات مدنية للمجموعات العسكرية
تعامل مدني يزيد من حصانة المجتمع ويضمن التعامل مع جميع الفئات في المجتمع، ويضمن تفعيل جميع القدرات المهنية والمجتمعية. السياسة العسكرية تزيد من تهميش الفئات المهمشة ومن حجم الصعوبات التي يعايشونها،

 

تعزيز النضالات الجماهيرية والنقابية والسياسية رؤية النضالات الجماهيرية والنقابية كعقبة يجب اخراسها
خطاب مدني يتعامل مع المواطنين بمساواة خطاب عسكري مشرذم عنصري “فرق تسد” وتوجيه اصابع الأتهام على فئات في المجتمع “العرب” “الحريديم”
ادارة الأزمة من قبل مهنيين ومختصين مدنين في المجالات المختلفة ادارة عسكرية ذكورية

انعكست السياسات العسكرية في التفكير والخطاب العسكري  الذي  صدر ويصدر من حكومة اسرائيل في تعاملها مع ازمة الكورونا لقد سيطر الخطاب العسكري على خطابات بنيامين نتنياهو فسمعناه يتحدث في العديد من المرات وعندما يتحدث عن الكورونا يتحدث عن “العدو”” “العدو المجهول” وعن “الحرب” التي نخوضها ضد الجانحة وتكرر المصطلح لدى مسؤولين اخرين “عدو من نوع اخر”

واستخدم المتحدثون مصطلحات عسكرية ونماذج من عالم العسكرة لدى مخطابتهم للجمهور، كما وتعاملت الوزارات المختلفة مع المعلومات كانها “اسرار عسكرية”.  وهذا الأمر يمكن ان يكون موضوع لبحث مقارن بين الخطاب الذي استخدم في اسرائيل وبين دول العالم الأخرى.

استخدام الخطاب العسكري المعروف للجمهور في البلاد يهدف الى تخويف الناس وزيادة الشعور بلا حول كما ويهدف الى اخراس الاصوات النقدية غير انه لا يقتصر على السياسين بل تعداه الى الصحفين والصحفيات الذين يغطون اخبار الجائحة والى المجموعات المختلفة فسمعنا مثلا الفنانين والفنانات يقولون ” لا يمكن الأنتصار بالحرب دون الفن” وانتقلت العدوة الى الضحف والمواع العربية حتى.

كما واستخدمت استراتيجيات عسكرية للتدخل في حل الأزمة واوكلت للجيش مهمات مختلفة فدعي ضباط الجيش إلى مواقع صنع القرار، وادارة الأزمة واستخدامت وحدات وعناصر الجيش لفرض ليس فقط الاغلاقات في المدن المختلفة، بل في ادارة فنادق الكورانا وادارة توزيع المؤن على المحتاجين ومهام مدنية اخرى. وشكل هذا اشكالية خاصة في المجتمع العربي حيث اعتدنا ان نرى الشرطة والجيش والشابك في خط الهجوم علينا والمواجهة امامنا، واختزنت هذه الصورة في ذاكرتنا الجماعية منذ المواجهات مع الحكم العسكري والنضالات المستمرة الى يومنا هذا، بينما يطلب من مجالسنا حاليا التعامل مع هذه القوى وادخالها الى بيوتنا وطبعا لهذا تبعات سياسية مختلفة.

كما وإعطيت صلاحيات للشاباك باقتحام خصوصيات الفرد ومتابعة هاتفه النقال، والمشاركة في احضار المعدات الطبية الضرورية من دول لا توجد لأسرائيل علاقات رسمية معها.   وكل هذا لم يحرك الجمهور اليهودي في اسرائيل اذ ان الفكر العسكري والعسكرة متغلغل في النظام القائم في الدولة، وغالبية الجمهور اليهودي الأسرائيلي ذوته ولا يلتفت اليه.  اما المجتمع العربي فهو متعود على تدخل لشباك لذا لم يستهجن هذه الخطوات بل نظر الى فشل تكنلوجة الشابك في قطع سلسلة العدوى بتهكم بعض الشيء.

طغت العسكرة على استراتيجيات التعامل مع موضوع الصحة في ظل الأزمة  حيث لاحظنا نفس التعامل الذي اعتدنا رؤيته في التعامل مع موضوع “أمن الدولة” بما في ذلك رفض للفكر الناقد، والرأي المغايير واقصاء النساء من اروقة اتخاذ القرارات المختلفة.  فاقصيت النساء من الجسم مقدم الأستشارة للحكومة ومن الكبينيت الوزاري، وحتى في جلسة النقاش الذي عقدها رئيس الحكومة حول عودة المدارس للعمل وعلى الرغم من ان غالبية العاملات هناك من النساء لم تكن امرأة واحدة في الجلسة مع رئيس الحكومة.

هذه السياسات والممارست عمقت التفرقة والعنصرية التي نعاني منها وهمشت الخطاب السياسي الاجتماعي المدني والمهني: اذ لم يعطى دور كاف لمؤسسات المجتمع المدني في إدارة الازمة، حتى فيما يتعلق في المدارس وجهاز التربية عامة لم تتم استشارة الحقل في فرض التقييدات او في رفعها،…

كما وغاب عن الممارسات الحكومية اداة مهمة في تعزيز الحصانة  المجتمعية وهي اشراك المهنيين والمواطنن  فسيطرت ممارسات عدم الاعتماد على المواطنين وعدم اشراكهم بالكم الكاف من المعلومات التي أدت الى اتخاذ القرارات وذلك بعكس دول أخرى تعاملت مع مواطنيها كاشخاص مسؤولين ومنطقيين يعون المصلحة العامة ويهتمون بها

يضاف الى ذلك التوجه العنصري الذي تمثل في تصريحات رئيس الحكومة والذي كتب عدة مرات على وسائل التواصل الأجتماعي  بان حكومة تعتمد على القائمة المشتركة ستكون “مصيبية لأسرائيل” “خطر لأسرائيل” مما أظهر ويظهر ان العنصرية لا تدخل الى “الحجر” في زمن الأزمات بل كجميع العورات تنكشف وتطفو على السطح.

وسعت هذه السياسات دائرة المتضررين من أزمة الكورونا واستفحلت فخرجت مجموعات مختلفة الى الشارع للنضال من أجل الحق في الحياة الحرة الكريمة، ولكن خطاب غالبية هذه الأحتجاجات بقي  غير مسيس، وهذا ايضا يعكس احدى عورات المجتمع  والأزمة السياسية التي نعاني منها في السنوات الأخيرة وعدم ادراك العلاقات والتقاطعات بين المشاكل المختلفة التي يعاني منها المجتمع، وعزوف الناس عن التضامن وعن النضال الجماهيري وفقدان الثقة بالقدرة على التأثير واهمية التنظم من أجل التغيير وهذا كما يبدو سيجرنا الى انتخابات رابعة.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: نبيلة اسبانيولي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *