
قبل عدة أسابيع دار حديث رسمي حول إقامة “نصب تذكاري” للنكبة، يكون موقعه في “الحديقة الوطنية” في مدينة البيرة، من أجل إحياء الذكرى ٧٥ للنكبة.
ورغم قناعني بأن الفكرة كانت بحاجة إلى دراسة مطولة وبحث عميق، في التعبير عن مضمون ورسالة النصب التذكاري كون النكبة جريمة لا تنتمي للماضي فحسب وإنما جريمة متواصلة في التاريخ والحاضر، ما زلنا نحيا تداعياتها في حياتنا اليومية ولحظة بلحظة …
فربما يكون من المفيد تطوير الفكرة قليلاً من خلال جمع بقايا السيارات التي أحرقها المستوطنون في بلدة حوارة جنوب نابلس وصناعة مجسم معدني من هياكل السيارات المتفحمة، ليكون هذا المجسم بمثابة عمل فني تذكاري يجسد بشاعة الجريمة المستمرة والمأساة الفلسطينية بعد مرور ٧٥ عاماً على النكبة، تحت عنوان “النكبة ما زالت مستمرة” …
وعندما يتم تنفيذ المجسم يقوم بافتتاحه الطفل أحمد دوابشة، الناجي الوحيد من حريق بيت عائلة دوابشة في قرية دوما قضاء نابلس، والذي أحرق المستوطنون بيته قبل عدة سنوات واستشهد أهله حرقاً وهم أحياء داخل المنزل …
كما يمكن جمع ما أمكن من الرماد والزجاج المهشم في البيوت الفلسطينية التي أحرقها المستوطنون في بلدة حوارة جنوب نابلس والبيت الذي أحرقه المستوطنون عند أطراف بلدة بيرزيت بالقرب من حاجز عطارة العسكري، ووضع ذلك في صناديق زجاجية شفافة، تكون على شكل خارطة فلسطين المحتلة لتقديمها كرسالة وطنية مجبولة بالرماد إلى الزوار الأجانب القادمين إلى فلسطين وممثلي المؤسسات الدولية، مع ملصق مطبوع باسم العائلة الفلسطينية التي فقدت بيتها وتاريخ الجريمة، تحت عنوان “النكبة ما زالت مستمرة” …
من المرجح أن تنفيذ هذه الاقتراحات كفيل بأن يخلق حالة إعلامية وثقافية وشعبية للتفاعل بين فلسطين المحتلة كدولة تستحق الحرية والعدالة وبين شعوب العالم للالتفات نحو مطلب الحرية الانساني والوطني …
كما أن المجسم تعبير بصري عن مفهوم الحرية والعدالة من خلال توظيف تكاملي لدور الفن والفعل الثقافي كفعل مقاوم يعزز من الصمود في مواجهة جرائم الإبادة والاقتلاع المتواصلة على امتداد الجغرافيا الفلسطينية.
وهو إرادة “التدوير” للحفاظ على البيئة الوطنية سليمة من خلال تحويل البشاعة الاستعمارية إلى مجسم للذاكرة والمستقبل معاً متمثلة في رسالة فلسطين الانسانية إلى العالم …
لتكن جريمة المستوطنين ليلة الأحد السادس والعشرين من شباط ٢٠٢٣ مساحة جدية للانعتاق من حالة حزن صامت نحو حالة حزن فعَّال وطرق جدران الخزان بطريقة مختفلة من خلال سواعد معماريىة وفنية وإنشائية وطنية …
ملاحظة: الأفكار الواردة في المنشور وبعد الإطلاع على صور الدمار، قابلة للتنفيذ والتطوير فنياً ومعمارياً وإنشائياً …