إصابات الجروح والبتر خلال الإبادة الجماعية في غزة

تسببت الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة بكارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة ومتعمدة، مع عدد هائل من الإصابات وحالات بتر الأطراف. وأدى الاستهداف المتعمد للمدنيين والبنية التحتية الطبية إلى انهيار نظام الرعاية الصحية في القطاع الفلسطيني، وحرم عشرات الآلاف من الرعاية الطبية التي هم بأمسّ الحاجة إليها. وغني عن القول إن للعدد الهائل من الإصابات وحالات بتر الأطراف الذي يُعد الأعلى في العالم[1] عواقب وخيمة؛ فهو يؤثر بشدة في قدرة غزة على التعافي وإعادة الإعمار، ويُقوّض قدرة سكانها على الصمود، ويهدد بقاءهم نفسه في نهاية المطاف.

الصحة الفلسطينية وأيديولوجية الاستعمار الاستيطاني: السياق العام

حتى قبل الإبادة الجماعية الإسرائيلية، عانى الفلسطينيون في غزة من انتهاكات جسيمة لحقهم في الصحة بسبب الحصار الإسرائيلي وسيطرة إسرائيل على المحددات الاجتماعية والسياسية للصحة.[2] فقد لجأت إسرائيل على نحو ممنهج إلى تقييد إمكانية الحصول على الرعاية الصحية كجزء من سياسة الحصار وممارساته، والتي شملت فرض قيود على حركة المرضى والكوادر الطبية، وعلى دخول الإمدادات الطبية الأساسية. واضطُر العديد من المرضى إلى طلب العلاج خارج القطاع بسبب عدم توفر الرعاية المتخصصة – وذلك كنتيجة مباشرة للقيود المفروضة على دخول المعدات الطبية والأدوية، وقدرة الفرق الطبية على الإلمام بأحدث المعارف الطبية.

أدت هذه القيود المتراكمة، إلى جانب الهجمات العسكرية المتكررة على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية، وعلى نحو متعمد إلى الحيلولة دون تحسين نظام الرعاية الصحية في غزة وتراجعه،[3] وهذا بدوره أدى بشكل ممنهج إلى تآكل قدرته على توفير العلاج الأساسي والمنقذ للحياة، بما في ذلك في المجالات المتعلقة بإعادة التأهيل والإصابات المعقدة وبتر الأطراف. وتجد هذه السياسات جذورها في أيديولوجية إسرائيل الاستعمارية الاستيطانية، فالتقييد المتعمد للوصول إلى الرعاية الصحية ليس سوى جزء من نظام أوسع للهيمنة والإلغاء. والصحة جزء لا يتجزأ من هذا المشروع المستمر للاستلاب من خلال سيطرة إسرائيل على كل جانب من جوانب الرعاية الطبية، من حركة المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية إلى دخول الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية.

كان المصابون الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية متقدمة وأطراف اصطناعية يُحالون عادةً إلى الضفة الغربية أو مصر أو الأردن، أو في حالات نادرة، خلال الهجمات العسكرية الإسرائيلية، يُمنحون تصاريح للوصول إلى مستشفيات الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتَين. ومن خلال التحكم في جميع المداخل إلى المناطق المحتلة ومخارجها، لا تُجزّئ إسرائيل قدرة الفلسطينيين على الحصول على الرعاية الصحية فحسب، بل تضمن أيضاً اعتماد النظام الطبي الفلسطيني على الموافقات الإسرائيلية لكل إحالة طبية وأي تحسين يمكن أن يشهده. إن الحجم الهائل للإصابات الناجمة عن الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية، كتلك التي وقعت خلال مسيرة العودة الكبرى عام 2018، فرض على نظام الرعاية الصحية المنهك في الأساس في غزة التعامل مع وضع يتجاوز طاقته بكثير. وفي هذا السياق، تُشكل الهجمات على البنية التحتية للرعاية الصحية والعرقلة الممنهجة للرعاية الطبية آلياتٍ لتدميرها وتعزيز مشروع إسرائيل الاستعماري الاستيطاني من خلال تقويض الظروف اللازمة للبقاء والتعافي.

نطاق الإصابات وبتر الأطراف في غزة خلال خمسة عشر شهراً من الحرب

على الرغم من أن هذه التحديات ليست بجديدة، فإن النطاق غير المسبوق للإصابات، إلى جانب التفكيك المنهجي للرعاية الصحية،[4] جعل علاج الإصابات المعقدة شبه مستحيل. فقد عملت إسرائيل وعلى نحو ممنهج على تفكيك حتى أبسط أشكال توفير الرعاية، بما في ذلك من خلال شن هجمات جديدة على المستشفيات التي أعيد فتحها جزئياً لتوفير الحد الأدنى من أساسيات الرعاية.[5] وأدت استحالة القدرة على علاج الإصابات المعقدة وحتى العادية – الناجمة عن إنهاك نظام الرعاية الصحية والعاملين فيه – إلى زيادة حالات البتر. وتفاقم انهيار الرعاية الصحية هذا بسبب تدمير أكثر من 80 % من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنظافة (WASH)،[6] إلى جانب انقطاع الكهرباء ومنع دخول المواد الطبية الأساسية، مثل الكحول ومعدات التعقيم والمضادات الحيوية – وهي ظروف جعلت العناية المناسبة بالجروح شبه مستحيلة، مما زاد من خطر إصابتها بالعدوى.[7] بالإضافة إلى ذلك، أدت ضراوة الهجمات والقصف المتكرر والتدمير الهائل للبنية التحتية إلى إصابات خطرة. وفي غياب العلاج الضروري في الوقت المناسب، أدت هذه الإصابات إلى ارتفاع حالات البتر والإعاقات مدى الحياة.

تشير التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة ووزارة الصحة في غزة إلى أنه حتى 23 تموز/يوليو 2024، قُتل أكثر من 50,000 فلسطيني وأصيب 90,996 شخصاً، يعاني ما لا يقل عن 22,500 منهم من إصابات غيّرت مجرى حياتهم[8] بشكل دائم وقدرتهم على العيش على نحو طبيعي. وأفادت مجلة “ذا لانسيت” الطبية البريطانية التي أكدت ذلك أن حتى حزيران/يونيو 2024، أصيب أكثر من 85,523 فلسطينياً، الآلاف منهم إصاباتهم جسيمة وتتطلب البتر.[9]

ويفيد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)[10] بأن إصابات الأطراف الشديدة – التي يُقدر أنها تتراوح بين 13,455 و17,550 حالة، هي العامل الرئيسي وراء احتياجات إعادة التأهيل الطويلة الأمد. كما تُقدّر منظمة الصحة العالمية تسجيل ما بين 3000 و4000 حالة بتر أطراف، إلى جانب ما يقرب من 2000 حالة إصابة في النخاع الشوكي وإصابات دماغية رضحية شديدة، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 2000 حالة حروق بالغة. ووفقاً لمنظمة “أنقذوا الأطفال”، أدى استخدام الأسلحة المتفجرة في غزة عام 2024 إلى إعاقات قد تدوم مدى الحياة بمعدل 475 طفلاً شهرياً – أو 15 طفلاً كل يوم – بما في ذلك إصابات بالغة في الأطراف وضعف السمع. في الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024، أصيب ما لا يقل عن 5230 طفلاً بجروح تستدعي العلاج التأهيلي المكثف وطويل الأمد، ومثل هذا الدعم يتعذر توفيره جراء الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية على المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والقيود المفروضة على دخول الإمدادات الأساسية، مما يجعلهم أكثر عرضة للإعاقة.[11]

أدى الهجوم الإسرائيلي الموجه على نظام الرعاية الصحية في غزة إلى تدميره على نطاق واسع، ومن ثم تعطيل خدمات إعادة التأهيل الحرجة بشكل كبير، والحرمان من الرعاية المتخصصة للإصابات المعقدة، وتعريض حياة المرضى لخطر جسيم. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، نزح أغلبية العاملين في مجال إعادة التأهيل في غزة، وحتى 10 أيار/مايو 2024، تشير التقارير إلى مقتل 39 أخصائياً في العلاج الطبيعي. وبسبب القيود المستمرة على دخول المساعدات، يُحرم المرضى من خدمات إعادة التأهيل أو خدمات الأطراف الاصطناعية، كما يتعذر الحصول على أبسط الأجهزة المساعدة، مثل الكراسي المتحركة والعكازات.[12]

إعاقة الفلسطينيين وإنهاك الرعاية الصحية – سياسة متعمدة

يعود التشويه المتعمد للفلسطينيين إلى ما قبل الإبادة الجماعية الحالية، وكان واضحاً بشكل خاص خلال مسيرة العودة الكبرى عام 2018، عندما استهدف الجنود الإسرائيليون بشكل ممنهج أطراف المشاركين في التظاهرات المطالبة بفك الحصار بالقرب من السياج الاستعماري.[13] وبالمثل، تم في الماضي توثيق الهجمات التي استهدفت مرافق الرعاية الصحية لتقويض قدرة نظام الرعاية الصحية في غزة على تلبية احتياجات السكان، بالإضافة إلى استهداف مقدمي الخدمات والمؤسسات الصحية.[14] وعلى الرغم من أن هذه الممارسات ليست جديدة، فإنها وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في الأشهر الخمسة عشر الأولى للحرب، وهذه المرة بنيّة متعمدة لا يمكن إنكارها[15] – وهو أمر كان إثباته أصعب في الماضي. وما التفكيك المنهجي لنظام الرعاية الصحية وتكرار الهجمات والأساليب الأخرى كالتجويع وقطع إمدادات المياه، سوى دلائل واضحة على التدمير المتعمد لقدرة السكان على البقاء،[16] بما يتماشى مع أيديولوجية الاستعمار الاستيطاني. ويجري تنفيذ هذه الأيديولوجية من خلال القضاء على أصحاب الأرض الأصليين، ليس فقط من خلال العنف المباشر، ولكن أيضاً بجعل البقاء غير ممكن عبر تدمير البنى التحتية الأساسية، وحرمانهم من الضروريات الأساسية، وجعل الحياة نفسها غير مستدامة.

يتجاوز البتر، كشكل من أشكال العنف، الإصابة الفردية – إنه استراتيجية مدروسة تُمزّق جسد الإنسان ككيان مادي وسياسي. وفي سياق غزة، سواء من خلال الاستهداف الممنهج للأطراف خلال مسيرة العودة الكبرى أو الفرض المتعمد لظروف يتعذر معها علاج عشرات الآلاف من الإصابات – الناجمة عن إسقاط إسرائيل عشرات آلاف الأطنان من المتفجرات – فإن الهدف ليس فقط شل قدرة الأفراد، بل إلحاق الإعاقة الجماعية كاستراتيجية لتقطيع أوصال الوطن، وتدمير قدرة السكان على أداء نشاطهم اليومي والعيش والبقاء. هذا الاعتداء المزدوج والمتزامن – الأذى الجسدي وتدمير البنية التحتية الطبية – يضمن أن يكون التعافي إمّا مستحيلاً وإمّا بطيئاً ومؤلماً، مما يحول الإصابة إلى أداة طويلة الأمد للاضطهاد.

عندما يُترك الآلاف مع إعاقات دائمة أو إصابات غير معالجة لدرجة صارت معها مُنهكة، لن يكونوا عاجزين جسدياً فحسب، بل أيضاً غير قادرين على المشاركة في جهود إعادة البناء أو الصمود أو حتى العيش على نحو طبيعي والبقاء. ومن ثم يصير تدمير الجسد امتداداً لتدمير البنية التحتية، وهو تدمير مُتعمّد يُبقي الجرحى في حالة من الاعتماد على الآخرين. من خلال فهم البتر والإصابات ضمن هذا الإطار الأوسع، إلى جانب العجز المتزامن لنظام الرعاية الصحية، يتضح أن الإصابات التي تُلحق بالغزيين ليست نتائج عرضية للحرب، بل هي استراتيجية مُتعمّدة في حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.

قصور الأطر الحقوقية في ظل تدمير نظام الرعاية الصحية

تُكرّس العديد من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحق في الصحة الذي يضمن “أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية.”[17] ولا تُشكّل الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق والممنهجة على نظام الرعاية الصحية في غزة – بما في ذلك الاستهداف المتعمد للمستشفيات ومنع دخول المساعدات الطبية، وفرض قيود على إحالة المرضى – انتهاكات لهذا الحق فحسب، بل هي أيضاً دليل على نية الإبادة الجماعية. فبموجب المادة الثانية “ب” و”ج” من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، يُعد حرمان جماعة من الحصول على الرعاية الطبية جزءاً من “إلحاق الضرر الجسدي أو العقلي الجسيم بأعضاء الجماعة” و”الإخضاع العمدي لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي”،[18] وهي استراتيجية رئيسية في هجوم إسرائيل على غزة.

تحظر اتفاقية جنيف الرابعة استهداف الطواقم الطبية وتفرض إتاحة الحصول على المساعدات الإنسانية،[19] إلاّ إن إسرائيل تتجاهل بشكل ممنهج توفير مثل هذه الحماية للعاملين الصحيين أو دخول المساعدات. إن تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة ليس عرضياً، بل هو جهد استراتيجي لتجريد الفلسطينيين من إمكانات البقاء. وأدى إلحاق الضرر والتدمير الواسع النطاق للبنية التحتية التي تدعم الحياة، بما في ذلك المستشفيات وأنظمة المياه والصرف الصحي وإمدادات الغذاء ومصادر الطاقة، ومن ثم حرمان المدنيين من الخدمات الأساسية، إلى تفاقم أعداد الوفيات.

يُدين قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2286 (2016) الهجمات على المرافق الطبية ويدعو إلى المساءلة،[20] لكن لم تُطبّق أي آليات إنفاذ فعّالة على إسرائيل. هذا في حين تتجاوز ممارسات إسرائيل الانتهاكات الفردية للقانون الإنساني الدولي إلى التسبب في الانهيار المتعمد لنظام الرعاية الصحية في غزة، بما يضمن أن يواجه حتى مَن نجوا من الهجمات المباشرة خطر الموت بسبب الإصابات غير المعالجة والمرض والجوع.

أقرت محكمة العدل الدولية بأن وقوع إبادة جماعية في غزة مسألة محتملة، وهو ما يُعزز الحاجة المُلحة إلى الاعتراف بأن تدمير الرعاية الصحية ليس مجرد جريمة حرب، بل هو أداة للإبادة. وكما تُجادل المنظمات الإنسانية والخبراء القانونيون بشكل متزايد، فإن استهداف نظام الرعاية الصحية في غزة، إلى جانب التدمير المنهجي للبنية التحتية الأساسية لبقاء المدنيين، يُمثل استراتيجية إبادة مُنسقة.

كيف يُمكننا المضي قدماً في مواجهة هذه الانتهاكات الممنهجة والموثقة جيدا؟ عندما توجد أطر قانونية – مُكرسة في الاتفاقيات والمعاهدات وأحكام المحاكم الدولية – لكنها تُثبت عجزها عن وقف أو ردع التدمير المتعمد لنظام الرعاية الصحية في غزة، فماذا يعني ذلك بشأن الأدوات المتاحة لحماية الحق في الصحة؟ وما هي السبل المتبقية عندما تكون المستشفيات أهدافاً، وعندما يُسجن العاملون الطبيون ويُقتلون ويُحرم شعب بأكمله من الرعاية الصحية، وكل ذلك أمام أنظار مؤسسات القانون الدولي؟

تحظى الأطر القانونية الدولية بالصيغ والمبادئ والأحكام السابقة اللازمة لحماية الصحة في ظل الاحتلال والحرب. ومع ذلك، في حالة فلسطين، كانت هذه الأطر غير فعالة إلى حد كبير، ليس لافتقارها إلى الوضوح، لكن لافتقارها إلى التنفيذ وتطبيقها بشكل انتقائي وتقويضها بشكل ممنهج تلبية لأغراض سياسية.

التوصيات

توصيات قصيرة المدى

  1. توفير معدات إعادة التأهيل والأطراف الاصطناعية على الفور

نظراً إلى حجم الإصابات الرضحية وحالات البتر في غزة، وخصوصاً بين الأطفال، ثمة حاجة ملحة إلى السماح بدخول الأطراف الاصطناعية، ووسائل المساعدة على الحركة (مثل العكازات والكراسي المتحركة)، ومواد العناية بالجروح، ومعدات إعادة التأهيل. وينبغي للوكالات الدولية إعطاء الأولوية لدعم وحدات إعادة التأهيل الميدانية الموقتة داخل غزة، مع التركيز على تدخلات العلاج الطبيعي المبكرة للوقاية من المضاعفات. ويجب إيلاء اهتمام خاص للأطراف الاصطناعية الخاصة بالأطفال وتوفير الرعاية الملائمة لاحتياجاتهم عبر مراحل نموهم.

  1. إنشاء آلية للإخلاء الطبي والإحالة

تبرز الحاجة إلى إنشاء آلية إخلاء طبي منسقة ومستقلة للتمكين من نقل المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية جراحية وتأهيلية متقدمة في الوقت المناسب. ويجب فتح المعابر من دون قيد أو شرط، وأن يضمن المراقبون الدوليون المرور الآمن عبرها.

  1. برامج مخصصة لإعادة التأهيل والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال مبتوري الأطراف

يواجه الأطفال مبتورو الأطراف تحديات بدنية ونمائية ونفسية فريدة تتطلب رعاية متخصصة ومناسبة لأعمارهم. ينبغي إنشاء نظام متخصص لإعادة تأهيل الأطفال في غزة، يشمل توفير أطراف اصطناعية مناسبة للأطفال والعلاج الطبيعي والدعم المستمر للصحة النفسية.

توصيات طويلة المدى

  1. إصلاح وإعادة بناء مرافق الرعاية الصحية في غزة

ينبغي بذل كل الجهود الممكنة لتسهيل إعادة تأهيل مرافق الرعاية الصحية المتضررة والمدمرة في غزة وتشغيلها على نحو سريع. ويشمل ذلك المستشفيات وعيادات الرعاية الأولية ومراكز إعادة التأهيل التي توقفت عن العمل بسبب الهجمات الإسرائيلية المستمرة. ويجب أن تُعطي جهود إعادة الإعمار الأولوية لإعادة تشغيل الخدمات الطبية الأساسية، مثل الاعتناء بالجروح والإصابات والوحدات الجراحية والعناية المركزة وخدمات إعادة التأهيل المخصصة لمبتوري الأطراف والمصابين بجروح مزمنة.

ويُنتظر من الوكالات الدولية والجهات المانحة والجهات الفاعلة الإنسانية التنسيق مع السلطات الصحية المحلية لتقييم الأضرار، وتقديم الدعم الفني والمالي وضمان تلبية البنية التحتية لاحتياجات الرعاية الطارئة وطويلة الأجل. وينبغي إيلاء اهتمام خاص لإعادة بناء الخدمات المخصصة للأطفال ذوي الإعاقة الذين فقد كثيرون منهم إمكانية الحصول على الرعاية المتخصصة. ويجب أن تشمل جهود الترميم أيضاً إعادة تدريب الطواقم العاملة في مجال الرعاية الصحية في غزة وتوفير الحماية لها، وضمان الدخول الآمن والمستدام للمعدات والإمدادات الطبية الأساسية.

  1. إنهاء الحصار ورفع جميع القيود التي تعيق الحصول على الرعاية الطبية والحركة

يجب رفع الحصار المستمر عن غزة للسماح بتدفق الإمدادات والمعدات والكوادر الطبية بحرية وبلا انقطاع. ويجب احترام حق المرضى في طلب العلاج خارج غزة بشكل كامل، بما في ذلك الوصول من دون عوائق إلى المستشفيات في الضفة الغربية والقدس الشرقية والخارج. هذه الخطوات ضرورية لمنع مزيد من حالات البتر التي يمكن تجنبها، وضمان الرعاية الطبية الشاملة في الوقت المناسب.

  1. ضمان رعاية شاملة وطويلة الأمد لمبتوري الأطراف

يجب بذل جهود عاجلة لإنشاء نظام فعَّال للرعاية اللاحقة طويلة الأمد ويسهل على مبتوري الأطراف في غزة الوصول إليه، بما في ذلك جراحات المتابعة وتوفير أطراف اصطناعية عالية الجودة، وإعادة التأهيل البدني والدعم النفسي. يتطلب ذلك الاستثمار المستدام في البنية التحتية الطبية والموارد البشرية وبرامج تدريب متخصصة مصممة خصيصاً للتعافي من الصدمات واحتياجات ذوي الإعاقة. وينبغي أن يركز التعاون الدولي على بناء نظام شامل ومستدام لإعادة التأهيل والتعافي، يوفر الدعم المستمر لمبتوري الأطراف.

[1] “Gaza Leads World in Child Amputees per Capita, UN Says,” Middle East Eye, December 2, 2024.

[2] United Nations Human Rights Council, “Report of the Special Rapporteur on the Situation of Human Rights in the Palestinian Territories Occupied Since 1967,” A/HRC/37/75, Thirty-seventh session, Agenda item 7, 26 February–23 March 2018, 15 March 2018; World Health Organization (WHO), Regional Office for the Eastern Mediterranean, “Right to Health: Barriers to Health and Attacks on Health Care in the Occupied Palestinian Territory, 2019 to 2021,” 2022.

[3] Yara Asi, “Palestinian Dependence on External Health Services: De-development as a Tool of Dispossession,” Middle East Law and Governance 14 (2022): 366–87.

[4] United Nations, “Gaza: ‘Systematic Dismantling of Healthcare Must End’ says WHO,” UN News, April 6, 2024.

[5] World Health Organization (WHO), “Kamal Adwan Hospital Out of Service Following a Raid Today and Repeated Attacks Since October, 28,” December 2024.

[6] World Health Organization (WHO), “WHO’s Response in the Occupied Palestinian Territory: April 2024–December 2024,”.

[7] Bilal Irfan et al., “Combating Infections Under Siege: Healthcare Challenges Amidst the Military Assault in Gaza,” World Medical & Health Policy (2024).

[8] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA), “Humanitarian Situation Update #218 | Gaza Strip [EN/AR/HE],” September 16, 2024.

[9] Ibid.

[10] Rasha Khatib, Martin McKee, and Salim Yusuf, “Counting the Dead in Gaza: Difficult but Essential,” The Lancet 404, no. 10449 (2024): 237–38.

[11] Save the Children, “Gaza: Explosive Weapons Left 15 Children a Day with Potentially Lifelong Disabilities in 2024,” January 14, 2025.

[12] World Health Organization (WHO), “WHO Analysis Highlights Vast Unmet Rehabilitation Needs in Gaza,” September 12, 2024.

[13] Jasbir K. Puar, “On Amputation,” Journal of Palestine Studies 54, no. 1 (2025): 14;

Ghada Majadli and Hadas Ziv, “Amputating the Body, Fragmenting the Nation: Palestinian Amputees in Gaza,” Health and Human Rights 24, no. 2 (2022): 281.

[14] Yara M. Asi et al., “Are There ‘Two Sides’ to Attacks on Healthcare? Evidence from Palestine,” European Journal of Public Health 31, no. 5 (2021): 927–28;

Al Mezan Center for Human Rights, Lawyers for Palestinian Human Rights (LPHR), and Medical Aid for Palestinians (MAP), “Two Years On, Still No Accountability for Attacks on Gaza’s Health Sector,” July 13, 2016.

[15] Fatima Al-Kassab, “A Top U.N. Court Says Gaza Genocide Is ‘Plausible’ but Does Not Order Cease-Fire,” NPR News, January 26, 2024;

Amnesty International, “Amnesty International Investigation Concludes Israel Is Committing Genocide Against Palestinians in Gaza,” December 5, 2024.

[16] Oxfam, “Starvation as Weapon of War Being Used Against Gaza Civilians – Oxfam,” October 25, 2023.

[17] United Nations General Assembly, “International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights,” December 16, 1966, United Nations Treaty Series, vol. 993, 3.

[18] United Nations General Assembly, “Convention on the Prevention and Punishment of the Crime of Genocide,” December 9, 1948, United Nations Treaty Series, vol. 78, 277, art. II(c).

[19] International Committee of the Red Cross (ICRC), Geneva Convention Relative to the Protection of Civilian Persons in Time of War (Fourth Geneva Convention), August 12, 1949, 75 U.N.T.S. 287, arts, 16-18, 23;

International Committee of the Red Cross (ICRC), Customary IHL: Rule 25. Medical Personnel, ICRC Customary IHL Database.

[20] United Nations Security Council, Resolution 2286 (2016), May 3, 2016, S/RES/2286.

1

عن المؤلف: 

غادة مجادﻟﻲ: باحثة متخصصة ﻓﻲ تقاطع الصحة والسياسة، ومحللة سياسات ﻓﻲ الشبكة: شبكة السياسات الفلسطينية.

عن ورقة سياسات – مؤسسة الدراسات الفلسطينية

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *