إسرائيل تخرّب المواقع التاريخية في لبنان

جزء من قلعة بعلبك الأثرية في لبنان (رويترز)

لم تسلم المعالم التاريخية والأثرية من العدوان الإسرائيلي. لقد تعمّد جيش الاحتلال استهداف بعض هذه المعالم أو محيطها بهدف تخريبها.

سوق النبطية العثماني

في ليلة 12 تشرين الأول/أكتوبر 2024، دمّرت إسرائيل السوق التجارية في النبطية بالكامل وحوّلتها إلى رماد. بنيت السوق في العام 1910 في نهاية عهد الدولة العثمانية، وهي تعتبر ملتقى للمزارعين والحرفيِين والتجّار من مختلف مناطق جنوب لبنان مثل صيدا وصور وجزين، وتشكل جزءاً من الهوية التراثية والثقافية والاجتماعية لمدينة النبطية. وما يُميِّز السوق ليس نشاطها التجاري فقط، بل أيضاً طابعها المعماري على الطراز العثماني. لقد تعرّضت السوق لاعتداءات إسرائيلية كثيرة، في أعوام 1978 و1982 و2006، قبل أن يدمّر جزء كبير منها في الحرب الحالية. 

قلعة تبنين الصليبية

استهدف الجيش الإسرائيلي قلعة تبنين في جنوب لبنان ودمّر جدارها الخارجي. ويعود تاريخ القلعة، المعروفة أيضاً بقلعة تورون، إلى الحقبة الصليبية. فقد بنيت في العام 1104 في جبال لبنان على الطريق من صور إلى دمشق، وشكّلت مركزاً لسيادة تورون، وهي ملكية ضمن مملكة القدس. 

قلعة بعلبك الرومانية

تعرّضت مدينة بعلبك لعشرات الغارات الجوّية الإسرائيلية منذ بدء العدوان على لبنان، وقد أدّى القصف الهمجي إلى تدمير مبانٍ عدّة في المدينة القديمة الأثرية، وطال محيط معابد بعلبك الأثرية على بعد 500 إلى 700 متر. ويعتبر القصف على مقربة من الآثار تهديداً مباشراً لها نتيجة الارتجاجات العنيفة التي يتسبّب بها ناهيك عن الخرق اليومي لجدار الصوت.

إن معابد بعلبك مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وقد تضمنها أمر الإخلاء الصادر عن جيش الاحتلال، ما يجعلها هدفاً للتدمير.

مدينة صور التاريخية 

استهدفت إسرائيل بأحزمة نارية مدينة صور التي تعتبر واحدة من أقدم المدن المسكونة في العالم، ويعود تاريخها إلى 5,000 سنة. تهدّد الغارات الكثيفة على أحياء مختلفة في المدينة آثارها المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وصور هي من أقدم المدن الفينيقية، وقد مرّت عليها حضارات عدّة بما فيها الفرعونية والرومانية والبيزنطية، وتضمّ الكثير من الآثار التي تعود إلى هذه الحقبات.

قبّة دوريس

بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، تصدّع قسم من التاج العلوي لقبّة دوريس في بعلبك وتزعزت أعمدتها. والقبّة هي موقع أثري يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، بني باستخدام مواد رومانية متهدّمة في خلال العصر الأيوبي، وهو عبارة عن قبّة فوق 8 أعمدة من الغرانيت الأحمر شيّد من حجارة وأعمدة آثار معابد بعلبك. 

معبد النبي بنيامين 

في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024، فخّخت إسرائيل حياً كاملاً في قرية محيبيب التاريخية في جنوب لبنان، ودمّرت عشرات المنازل والأبنية بما فيها معبد النبي بنيامين الذي يزيد عمره عن 2,000 سنة.  يختلف المؤرخون عمّا إذا كان المقام يعود لبنيامين بن يعقوب أو لحوباب بن يثرون. ولكنه يتألّف من غرفة الضريح وغرفة للصلاة ويحوطه قفص تعلوه قبّة عالية. بني المعبد من الحجارة الصخرية، وتزينه القناطر والعقود، وفيه مئذنة حجرية. وفي العام 1948 سرقت إسرائيل من داخله صخرة عليها كتابة باللغة العبرية. 

معبد النبي شعيب 

تعرّض معبد النبي شعيب في بلدة بليدا في قضاء مرجعيون للقصف الإسرائيلي في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2024. بني المعبد قبل 2,000 سنة، وهو معبد آرامي بالأساس، تحوّل إلى كنيسة عند دخول الصليبيين، ثمّ إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي، ويُعدّ المسجد الأول في منطقة جبل عامل. تعرّض المعبد للتخريب بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة منذ العام 1978، ثم رُمِّم وأعيد تأهيله في العام 2003، قبل أن يتمّ استهدافه في الحرب الحالية. 

قلعة الشقيف

شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات استهدفت محيط قلعة الشقيف. وهذه ليست المرّة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل محيط القلعة في خلال هذه الحرب الدائرة، بل حصل ذلك في 6 نيسان/أبريل و26 آب/ أغسطس و28 تشرين الأول/ أكتوبر 2024.

وقلعة شقيف هي موقع أثري، يعود تاريخها إلى ما قبل العصور الوسطى، وضع أعمدتها الأولى الرومان ثمّ وسّعها الصليبيون وحفروا الخنادق تحتها. رمّمها الأمير فخر الدين المعني للمرّة الأولى، ثمّ قامت الدولة اللبنانية بترميمها في العام 2010. تمتاز قلعة شقيف بموقعها الاستراتيجي، إذ تشرف على سوريا وفلسطين، وتطلّ على نهر الليطاني وسهل مرجعيون ومنطقة النبطية. وهذا الموقع الاستراتيجي جعل منها مطمعاً وموضعَ استهداف للعدو الإسرائيلي الذي يعتبرها نقطة رصد وتحكّم في المنطقة، كما جعلها مقرّاً لعناصر المقاومة منذ سبعينيات القرن العشرين.

في العام 1982، جهّز العدو الإسرائيلي جنود النخبة لاحتلالها، وقد دارت مواجهات عنيفة مع المقاومين دامت ثلاثة أيام، كبّدت العدو خسائر كبيرة. وفي العام 2006، تعرّضت القلعة لقصف مكثّف من الجيش الإسرائيلي ما أدّى إلى تدمير أجزاء كبيرة منها، كما دارت فيها مواجهات بين عناصر المقاومة والجيش الإسرائيلي انتهت بتراجع الجيش الإسرائيلي بعد وقف إطلاق النار. 

قلعة ميس في أنصار

تعرّضت أطراف قلعة ميس للغارات الإسرائيلية في 21 أيلول/سبتمبر 2024 مع بدء تصعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان. ولكن لم تكن هذه المرّة الأولى التي تستهدف فيها، ففي 19 تشرين الأول/أكتوبر، تعرّضت المناطق المحيطة بالقلعة لقصف مكثّف ما أثّر عليها، وقد أدّت هذه الغارات إلى تضرّر القلعة التي أصبحت مهدّدة بفعل الارتجاجات الناجمة عن القصف الإسرائيلي.

تعتبر قلعة ميس إحدى قلاع جبل عامل، تقع بين بلدات أنصار الزرارية وعبّا في محافظة النبطية.  وهي من المواقع الأثرية المهملة التي تقع على تلّة مرتفعة وتغطّي مساحة كبيرة منها، ما يعطيها أهمّية استراتيجية نظراً لإطلالتها على مناطق واسعة من الجنوب وقرى عامل. يُعتقد أنّ تاريخها يعود إلى القرن السادس عشر أو السابع عشر الميلادي، كما يُعتقد أنها شهدت على الحروب والصراعات التي مرّت المنطقة. 

وادي السلوقي قرب قلعة دوبيه

قام العدو الإسرائيلي باستهداف سيارة قرب قلعة دوبيه في شقرا في 29 تموز/يوليو 2024، أدّت إلى استشهاد شخصين وإصابة آخرين بجروح. كما شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على محيط القلعة في 24 أيلول/سبتمبر 2024، مما شكّل تهديداً مباشراً لها.

لا تحظى قلعة دوبيه باهتمام الدولة، وتُعتبر منسية لبعدها عن المواقع السياحية الكبرى. وقد أصابها الدمار نظراً للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة عليها وعلى محيطها. تُعتبر قلعة دوبيه جزءاً من سلسلة قلاع عامل الصليبية، التي تشكّل إحدى الممرّات إلى فلسطين من صيدا وصور والنبطية. بُنيت على مرحلتين؛ المرحلة الأولى بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر وكانت عبارة عن برج مراقبة، ثمّ استكمل بناؤها في عهد المماليك والعثمانيين. وقد ساهم موقعها على تلة أقل ارتفاعاً من محيطها في جعلها مخزناً للمؤن أو مركزاً للتدريب. 

قلعة شمع 

هي قلعة صليبية في بلدة شمع في قضاء صور. أغار الطيران الحربي الإسرائيلي في 18 تشرين الأول/أكتوبر على منزل في بلدة شمع بالقرب من مقام النبي شمعون الصفا الملاصق لقلعة شمع، ما أدّى إلى تدمير المنزل المستهدف وإلحاق أضرار جسيمة بالمقام.

وقلعة شمع هي قلعة أثرية من أيام الصليبيين. بُنيت في العام 1116، وتقع على سلسلة من الجبال التي تنتهي برأس البيّاضة في أقصى الجنوب وتشرف على مدينة صور وسهولها. تستمد اسمها من مقام النبي شمعون الصفا الملاصق لها، وتبعد بعض الكيلومترات من الحدود اللبنانية الفلسطينية. احتلّها العدو الإسرائيلي في العام 1982 وبقي فيها حتّى اندحاره من جنوب لبنان، وقد حوّلها إلى مركز عسكري متسبّباً بأضرار كبيرة في بنيتها. وفي خلال عدوان 2006، استهدف الطيران الإسرائيلي القلعة ودمّر حوالي 80% منها، فيما بقى مقام النبي شمعون الصفا. 

مقام السيدة خولة

في 23 أيلول/سبتمبر 2024، استهدفت الغارات الإسرائيلية محيط مقام السيدة خولة في منطقة بعلبك، فتمّ إخلاؤه مؤخّراً حفاظاً على أرواح العاملين فيه. بني المقام في القرن العاشر، وأعيد ترميمه في القرن الحادي عشر، وتحديداً في العام 1077. وخضع للكثير من أعمال الترميم والتوسيع حتّى هذا القرن ليستوعب أعداداً أكبر من الزوّار. يعتبر مقام السيدة خولة تحفة فنية لما يضمّ من زخرفات بالآيات القرآنية وقبّة مذهّبة ومآذن عملاقة، كما أنه معلم مميز للمنطقة.

عن موقع صفر

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *