أَثَرُ المتغيِّراتِ في سُوريَّا عَلَى فِلَسطينيِّي سُوريَّا وَكِيَاناتِهم السَّيَاسِيَّة
ليس ثمة سيناريو غير متوقّع في سوريا اليوم، فكل الاحتمالات قائمة، وكلها تتمتع بقدر من الاحتمالية والواقعية، ويزداد ذلك مع ازدياد حدّة المواجهة بين النظام والشعب، كما يمكن أن يزداد أكثر مع احتمال تعرض سوريا لنوع من تدخلات خارجية، قد تفتح باب الصراع الأهلي على مصراعيه، الأمر الذي سيجد فيه الفلسطينيون أنفسهم في دوامة لا يمكن لهم إدارة الظهر لها، أو النأي بأنفسهم عنها.لذلك، من الصعب التكهن بمآلات الوضع في سوريا، فما زال ذلك مبكّراً، لأن أي تصور ينبغي أن يأخذ في اعتباراته ثلاثة عوامل: أولها، انتهاء حال الصراع المحتدم، وتبين اتجاهاته، والقوى الرابحة أو الخاسرة فيه. أما في هذا الظرف الراهن (صيف 2012)، فما زال الصراع محتدماً بين الطرفين، فلا النظام قادر على إنهاء الثورة، ولا قوى الثورة قادرة على حسم الأمر لصالحها، بقواها الذاتية. وثانيها، أن ثمة احتمالات جدية لتحول الأمر من صراع في سوريا إلى صراع عليها، بحيث يفيض ما يجري عن اعتباره مجرد ثورة على النظام إلى نوع من تدخلات دولية، تأخذ الأمور في اتجاهات أخرى، تزيد عن مسألة إسقاط النظام. وثالثها، أن احتدام الصراع والاعتماد على الحل الأمني، يغلق دائرة الحلول السياسية، ويخشى أن يفتح على نشوء نوع من صراعات أهلية، سيكون لها تأثيرها على شكل وحدة السوريين في المستقبل.هكذا، في سياق احتدام الصراع في سوريا، وعليها، لا يمكننا إغفال نوعية التفاعلات الفلسطينية مع كل ذلك، ضمن كل من السيناريوهات المطروحة أعلاه. فقد تنشأ تطورات معيّنة تدفع نحو استدراج الفلسطينيين في المخيمات للانخراط أكثر، وبصورة مباشرة، في الصراع الدائر، وقد يأتي ذلك بدفع من مصادر عدة، من ضمنها النظام، الذي قد يدفع إلى ذلك بطريقة غير متعمّدة، من خلال استهداف بعض المخيمات، بالنظر لتجاورها مع بعض المناطق السورية الساخنة، أو بطريقة متعمّدة، من خلال نشوء مصلحة له بضرورة إدخال العامل الفلسطيني إلى صالحه (بعض المنظمات الفلسطينية، جيش التحرير الفلسطيني). كما يمكن أن ينشأ ذلك من خلال سعي بعض المنظمات الفلسطينية الموالية له، في لحظة معينة، إلى الدخول على خط الصراع الدائر في سوريا كل لحساباته السياسية. ويأتي ضمن هذه المصادر، أيضاً، احتمال انخراط مزيد من الشباب الفلسطينيين في الثورة السورية، لاسيما في المخيمات المجاورة لأحياء سورية ساخنة، ما يستدرج ردة فعل من النظام السوري ضد المخيمات، الأمر الذي قد يدفع مزيداً من الشباب للانخراط في الثورة السورية، في متوالية من الفعل ورد الفعل قد تقحم الوضع الفلسطيني بمجمله في قلب ما يجري.(متل اليوم ٢٠١٣ صدر الكتاب عن المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية ـ مسارات رام الله ـ( ويمكن مطالعة الدراسة من الرابط التالي