أي خيار تركت اسرائيل أمام الفلسطينين غير الحرب ؟
اسرائيل اسقطت خيار سلام الدولتين بعد أن استفحل الاستعمار بطشاً في الضفة، القدس والأقصى وخنقت غزة. وعلى الطريق شُنقت الثورة الفلسطينية بحبل اوسلو وحولت رجالاتها في سلطة رام الله لوكلاء استعمار ومخبرين عنده.
كذلك توحشت الدولة العميقة بسن القوانين العنصرية مختزلة في قانون القومية ودولة اليهود بين النهر والبحر وعاصمتها القدس الأبدية ابشع نظام فصل عنصري اقتلاعي معاصر محيت معه معالم الخط الأخضر الذي فصل بين الفلسطينين سياسياً.
صفعة ترامب استكملت المهمة بتوجيها ضربة قاتله للقضية ومعها هرول العرب للتطبيع والتتبيع وباتت القضية الفلسطينية في طي النسيان. وان كان كل هذا لا يكفي فقد استشرى القتل والعنف في المجتمع العربي داخل اسرائيل بتشجيع منها وبسببها ومعه استوحش غول المصادرة، الاقتلاع والترحيل وهدم آلاف البيوت ومناهج طمس الهوية.
ومع كل هذا شكلت الانتخابات الفلسطينية فرصة لفك الحصار عن غزة أسقطته اسرائيل عنوة ومعه لم يبقى خيار اخر غير الحرب وان زَفتها حماس في ثوب الدفاع عن الاقصى ووحدة الشعب والقضية.
في ذروة الهجوم الاسرائيلي على الشيخ جراح والقدس تعالت هتافات الجماهير من باحة الأقصى “بلا سلمية بلا بطيخ بدنا حجاره وصواريخ.” وفي صخب صدامات باب العمود هتف الشباب باسم محمد ضيف القائد العسكري لكتائب القسام. وما كان من محمد ضيف وحماس الا التقاط الفرصة التاريخية تحت شعار توحيد القضية ونصرة الأقصى والهدف الأعلى فك الحصار الجائر على غزة منذ ١٥ عاماً.
بكلمات اخرى حماس في موقفها استجابت لنداء الواقع والجماهير “لا سلمية ولا بطيخ بدنا حجارة وصواريخ” محاولة تكريس معادلة جديدة تجمع بين النضال الشعبي السلمي “الحجارة” وإسناده بالعسكري “الصواريخ” لابقاء جذوة الصراع والقضية مشتعلة. تم هذا مع معرفتها المسبقة ان هذه المعركة ستكون جولة اخرى في الحرب الطويلة والتي تهدف الى جعل تكلفة الاحتلال والحصار ونظام الأبرتهايد باهضة جداً على أمل ان يجنح للسلم أو ان يُفرض التحرير في سياقه الاستراتيجي.
ورغماً عن موجة التشكيك من البيت الفلسطيني نفسه يعترف الاسرائيلي ان صواريخ المقاومة الفلسطينية قد غيرت المعادلة ومعها انهارت قوت الردع العسكرية ومناعة عمقه الاجتماعية والنفسية، حقيقة لا يختلف عليها اثنان يعيشان الواقع في اسرائيل.
وعليه، وفي هذا السياق، يبقى النقاش بين النخب الفلسطينية حول صحة قرار حماس هذا او خطأه مهم ، لكن الأهم ما يفرضه الواقع على الأرض من مسلكية ثورية أكثرهم ليس قادر عليها أو لأن حماس بالذات قيادتها سيكون أهون عليهم ادانتها.