أوكرايينا بوصفها درسًا للفلسطينيين!
لا تعني حقوق الشعوب شيئًا لم تُنتج هذه الشعوب إرادة سياسيّة تحميها أو تحقّقها.
هذا ما يُمكننا كفلسطينيين وعرب أن نتعلّمه من الدرس الأوكراييني الذي أخذ الروس هم أيضًا بتعلّمه بطريقة قاسية خاصة بالنسبة للجنود أو المرتزقة أو الضباط الذين تحصدهم حرب بدأها رئيسهم دون استشارتهم. فالإرادة السياسيّة التي يمثّلها الرئيس زلينكسي وصحبه ـ كثيرون من عربنا العاربة استهزأوا به كونه نجمًا في التمثيل ـ هي هي التي تلعب دورًا موازنا لكلّ القوة العسكريّة الروسيّة التي راهن عليها بعض عرنا العاربة أنها ستمسح الأرض بأوكرايينا وسعبها خلال أسبوع أو أسبوعيْن.
نعم، الإرادة السياسيّة للشعب الأوكراييني ـ اتفقنا على توجّهاتها أو لم تتفق ـ هي هي التي تصنع الفارق بين خطة بوتين وأحلام جنرالاته وبين الواقع.
وهو ما ينبغي أن يُدركه الفلسطينيون أكثر من غيرهم في ضوء تراجع إرادتهم السياسيّة إلى ما تحت الصفر. ومثلهم عرب آخرون يحلمون دون أن تتوفّر لهم إرادة ولو في حدود أدنى.
القضيّة الفلسطينية عادلة بالمطلق، والمطلب الفلسطيني شاملاً أو مجزوءًا عادل هو أيْضًا. بيد أننا كفلسطينيين لا نملك أيّ نوع من الإرادة السياسيّة الجامعة ـ لا في الداخل (المُشتركة أضاعت رصيدها بالكامل) ولا في الضفّة ولا غزّة ولا الشتات. ربّما هناك “إرادة” موروثة أو باقية كإرث المرحلة التي تصدّرت فيه منظمة التحرير المشهد. لكنها بقايا غير فاعلة ـ فصائليّة مصابة بالإيديولوجيا بوصفها أنشوطة حول العنق والحلم.
صحيح أن منظمة التحرير أخطأت مرات في رهن القضيّة العادلة لمشاريع عربيّة هنا وهناك ـ لكنّ لا سياسة بدون إرادة سياسيّة ما ـ جامعة أو منقوصة. وهو ما يحتاجه الفلسطينيون الآن كي يكون لهم صوت وفعل وهدف. فنحن الآن لا هدف واحد لنا ـ ربّما تمّ خصخصة الأهداف وبيعها في السوق الحرّة كأي سلعة بتأثير المرحلة النيو ـ ليبراليّة! المخرج من الوهن والتراجع والخذلان يبدأ بتطوير إرادة سياسيّة قادرة على الفعل. وهذا الأمر مرتبط جدليًّا بتطوير مشروع وطنيّ جديد يحلّ محلّ وعي “تقاسم الأرض” بحدود قرار التقسيم أو ما عادله.
الإرادة السياسيّة لاستعادة زمام المبادرة وكي لا يمرّ التاريخ فوق القضيّة وتضحيات أهلها. وفي أوكرايينا لنا درس ونموذج.