أفكار أخرى عن القُدس وغزّة

فيما يتعلّق بالحاصل فالقدس، يُمكننا أن نقول إن إزالة الحواجز بضغط الناس ونضالهم ـ هذا الفعل الرمزي ـ لن يكون فصل الخاتمة في إطار عضّ الأصابع بين سلطة الاحتلال وبين أهالي القدس. سيتكرّر المشهد بين مدّ وجزر ومعه مشاعرنا هنا أو هناك.

ينبغي ألّا نحمّل مثل هذه الحداث فوق طاقتها ـ فلا نقلّل من أهميتها ولا نُسقط عليها كل آمالنا الخائبة من عقود. فالإنجاز لأهل القدس وحدهم، وهو موضعي لا يُغيّر في الواقع الاحتلالي شيئًا. يبدو لنا “نصرًا” لأننا في حالة من التردّي صارت فيه مواجهات كهذه مع الاحتلال حول إجراء من إجراءاته إنجازًا وأكثر. ربّما هو هام لمعنويات مجروحة أو مفقودة لكنه ينبغي ألّا يُنسينا حقيقة المعادلة القائمة وشروط تغييرها.

قبل الخوض في ذلك أودّ النزول جنوبًا، إلى جيتو غزة الذي يدخل ضمن المعادلة ذاتها وفي الموضع نفسه ـ الخضوع الكامل للاحتلال ذاته.

أسمح لنفسي أن أرى إلى رشقات الصواريخ التي طارت باتجاه مناطق مفتوحة في إسرائيل على أنها فعل تمّ التنسيق له ـ كما في كلّ مرة ـ مع الجهات الإسرائيلية. سأدّعي هنا بناء على تأملاتي في المشهد ومتابعتي التفاصيل أن في غزة جهات تعمل بالتنسيق الكامل مع الجهات الإسرائيلية وليس في مجال التخريب على أهل القدس نضالهم ـ بل في إطار خفايا منظومة العلاقات الإقليمية التي تلعب فيها إسرائيل دور المحرّك الرائد وليس دور الشريك فقط.

جهات متنفّذة في “حماس” تلتقي مع إسرائيل الرسمية في ثلاث نقاط استراتيجية ـ في الأولى: في الإبقاء على انقسام الإرادة السياسية الفلسطينية. في الثانية ـ التفاهم على حفظ مصدر تمويل دائم من مصادر خليجية لا سيّما قطر وليس وحدها. في الثالثة ـ انخراط حماس في اصطفاف إقليميّ ترسمه إسرائيل الرسمية بذرائع وحجج جيو ـ سياسية معلنة وخافية.

وعليه، ينبغي رؤية الرابط بين ما حصل في القدس وما حصل من غزة على أنه “تصعيد”. وبين هذا وبين أزمة نتنياهو السياسيّة التي تبدو عصيّة أكثر من أوقات مضت.

أما ما ينقص الفلسطينيين فهو مشروع وطني متجدد تُشتق منه التحركات الميدانية للناس وأطرهم. هذا هو أحد شروط تغيير المعادلة التي تحكم الحياة بين البحر والنهر. سيضيع كل إنجاز ميدانيّ للناس ما لم يدعمه مشروع وطني وإرادة وطنية. أمّا الانتخابات التشريعية الفلسطينية كما هي حاصلة فقد تتضح لنا سريعًا على أنها ملهاة ليس أكثر لأنها تبدو لي محاولة لتخريج أفول المسألة الفلسطينية ورميها في لجة الإقليم لا محاولة لإنقاذها وتجديد شبابها.

م. الحلبي

دالية الكرمل/ 26 نيسان 2021

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *