أعداء الديموقراطية “الحميمون”
علي حيدر
لقد أصبح قرار وإجراء شطب القوائم والاحزاب العربية من المشاركة في الانتخابات للكنيست من قبل لجنة الانتخابات المركزية والتي يرأسها قاض في المحكمة العليا والمؤلفة من الاحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان طقسا مألوفا ومتوقعا؛ يؤدي بعد ذلك الى تقديم إستئناف للمحكمة العليا والتي بدورها تتدخل أحيانا من إجل حماية حق المواطنين بالترشح والمصادقة على مشاركتهم بالنتخابات.ولكن قرار شطب الدكتور عوفر كسيف ممثل الجبهة وشطب قائمة “التجمع والموحدة” والذين جاءا بعكس توصيات وخلاصات المستشار القانوني للحكومة ورغم عدم وجود أدلة أو بينات تشير الى تجاوز أو إختراق أي من العلل المذكورة في بند ٧.أ لقانون أساس: الكنيست من قبل أي من المشطوبين( والتي هي بحد ذاتها أيضا شروط غير مريحة للمترشحين) يشير الى مدى القوة المفرطة والمتوفرة بيد ” أعداء الديمقراطية الحميمون” بحسب تعبير المؤرخ والناقد تزفيتان تودورف، كما أنها تشير الى مدى “كراهية الديمقراطية” بحسب مقولة الفيلسوف الفرنسي جاك رانسيير؛ من قبل اليمين والمركز السياسي الإسرائيلي، فممثلي اليمين والذين يحظون بتمثيل الاغلبية في اللجنة يعتقدون أنه من حقهم إغلاق الأبواب أمام كل من لا تتوافق أفكاره ومعتقداته مع توجهات التيار المركزي الاسرائيلي وكل من يوجه نقد للحكومة وسياساتها وخصوصا الاحتلالية والعنصرية. كما أن اللجنة سعت الى تقويض حرية المشاركة السياسية بما في ذلك الحق بالترشح والانتخاب وحرية التعبير والتفكير وإستغلال البث المباشر ومشاركتهم في النقاش من أجل شيطنة الاحزاب العربية والتحريض ضدها وسحب الشرعية عنها وتنصيب أنفسهم “كشرطة أفكار” تجري محاكمة ميدانية للقوائم والمرشحين بناءا على أفكار مسبقة و”عمى” فكري وحتمية المتخيل وغياب الموضوعية والجدية .وفي المقابل، صادقت اللجنة نفسها على مشاركة أعضاء وممثلي حركة كاخ الكاهنية الفاشية “الارهابية” رغم معارضة المستشار القانون للحكومة ورغم وجود أدلة وبينات لشطبها، وخصوصا بعد أن مهد لها رئيس الحكومة الطريق ومنح أعضاءها العنصريين والعنيفين، قولا وعملا، والذين يتمتعوا برصيد فاشي كبير، الشرعية في المشاركة في الانتخابات وضمان تمثيل في الحكومة في حال فوزه.
كما يبدوا، ومن المتوقع، أن تلغي المحكمة العليا، قرار شطب الدكتور كسيف وتحالف التجمع والموحدة، ولكن من الضروري العمل على سحب صلاحية شطب ومنع القوائم من المشاركة من قبل لجنة الانتخابات المركزية وإبقاء هذه الصلاحية في يد المحكمة العليا فقط؛ لأنه حتى لو ألغت المحكمة قرار الشطب فقد تم الاضرار بسمعة ومكانة المرشحين والقوائم، وفي الوقت الذي تعمل به القوائم الاخرى على تجنيد المصوتين، فإن القوائم المهددة بالشطب والمشطوبة تنشغل بالدفاع عن نفسها( طبعا هذا أحيانا يساهم تميز المشطوبين وحصولهم على تعاطف جماهيري)، ولكن تبقى المشاركة مشروطة ومليئة بالعقبات وهذا وضع غير طبيعي وغير منصف وغير معقول. يجب الا ننسى بأن اليمين لا يقتصر رفضه على وجود عربي في البرلمان، بل أكثر من ذلك فهو لا يريد وجود عربي في البلاد أصلا وهذا ما تجلى من خلال القوانين العنصرية العديدة وعلى رأسها قانون القومية اليهودية.باعتقادي، أن المجتمع الفلسطيني في الداخل يعيش مرحلة حساسة جدا، ويواجه تحديات استراتيجية وهذا الامر ليس مقصور على المشاركة في البرلمان فإخراج الحركة الاسلامية الشمالية خارج القانون، والقوانين العنصرية والمس بمكانة اللغة العربية واقتصار حق تقرير المصير لليهود فقط وإعتقال قيادات وناشطين ومحاكمتهم وهدم المنازل ومصادرة الاراضي وخصوصا في النقب والسياسات العنصرية التمييزية وعدم وجود أفق لحل القضية الفلسطينية الخ عدا التحديات الداخلية يتطلب ارادة وقيادة جماعية ورؤية جماعية متفق عليها والتحام بين القيادة والجماهير واستراتيجيات عمل متعددة ومتكاملة فورية وطويلة الامد.