أحمد اليماني أيقونة نضالية فلسطينية يحتذى بها
زخر تاريخ الشعب الفلسطيني بأيقونات نضالية وكفاحية يحتذى بها وفي مقدمة هؤلاء الراحل أحمد اليماني “أبوماهر” حيث استمر كفاحه متعدد الأشكال حتى وفاته عام 2011 ، فكان من رواد العمل النقابي العمالي الفلسطيني قبل نكبة العام 1948 ومدرساً ومربياً صادقاً وقائداً ثورياً في ذات الوقت فكانت فلسطين الوطن والشعب والقضية همه اليومي.
مسار كفاحي
ولد أحمد اليماني في قرية سحمتا قضاء مدينة عكا في الجليل الأعلى على الساحل الفلسطيني الجميل في24 ايلول /سبتمبر 1924 وتوفي في بيروت في الرابع من كانون الثاني / يناير 2011، ويعتبر أبو ماهر قائداً وطنياً وقومياً وقيادياً ومؤسساً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقبل ذلك حركة القوميين العرب.
قبل النكبة الكبرى تدرج اليماني في تحصيله العلمي، فدرس الإبتدائية في مدرستي سحماتا وترشيحا قضاء عكا قاهرة جيش نابليون، ثم انتقل إلى مدينتي صفد وعكا لمتابعة دراسته الثانوية، ليتخرج بعدها من الكلية العربية في القدس، ليعمل بعد ذلك في دائرة الزراعة الحكومية في عكا، وفي دائرة الأشغال العامة في مدينة حيفا عروس الساحل الفلسطيني.
شغل منصب أمين سر النقابات المركزية لعمال وموظفي دائرة الأشغال العامة، وشغل منصب أمين سر فرع جمعية العمال العربية الفلسطينية في يافا، وفي حيفا قام بتنظيم نقابات جمعية العمال العربية الفلسطينية.
شغل اليماني ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لسنوات طويلة وتسلم قيادة دائرة شؤون العائدين فيها بعد حصار بيروت في عام 1982 وقاد إثر ذلك عملية المساندة في الدائرة للنازحين الفلسطينيين من لبنان، والذين توزعوا في مناطق سورية عديدة وخاصة في المخيمات. وإضافة لكونه من رواد ومؤسسي الحركة العمالية في فلسطين، يعتبر أبو ماهر اليماني أحد مؤسسي المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي، وبقي يشغل عضوية المكتب السياسي للجبهة الشعبية حتى تنحى طوعاً عن المواقع القيادية في مؤتمرها الوطني الخامس الذي عقد في دمشق عام 1993.
نضال دؤوب
لجأ أحمد اليماني الى لبنان إثر نكبة عام 1948 وتنقل في عدة مناطق إلى أن استقر في مدينة طرابلس في الشمال ، وعمل مدرساً في عدة مدارس وفي ميدان العمل الجماهيري أسس أبو ماهر رابطة الطلاب الفلسطينيين في لبنان وأشرف عليها.
كما شارك في تأسيس اتحاد عمال فلسطين في لبنان، بالإضافة إلى مساهمته في تأسيس اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
شغل منصب نائب الأمين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين ومندوبا للاتحاد في الأمانة العامة للاتحاد العام الدولي لنقابات العمال العرب في القاهرة. شارك في تأسيس الكشاف العربي الفلسطيني في لبنان وشغل منصب أمين سر رابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان، وانغمس أبو ماهر بالعمل الكفاحي المباشر، فكان أحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وواحداً من أبرز قياداتها منذ تأسيسها، فكان عضواً في المؤتمر الأول للجبهة الشعبية، وعضو القيادة المركزية، وعضو لجنتها المركزية وفي المكتب السياسي، وبعد أن اختار أبو ماهر اليماني التنحي في ميدان العمل السياسي المباشر تفرغ لميدان الكتابة في محاولة منه لتوثيق تجربته في مذكرات.
وألّف عدة كتب حملت عنوان “تجربتي مع الحياة” في سلسلة تناولت تجربته في فلسطين وفي الشتات القسري، في ميدان العمل التنظيمي الجماهيري والمهني، والتجربة في إطار حركة القوميين العرب وقد دوّن أحمد اليماني تفاصيل تجربته الثرية، في مذكراته ابتداء من طفولته، وشاهدًا على إعدام الشهداء الثلاثة؛ عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي، وطالبًا في مدارس صفد وعكا والقدس، ومؤرخًا لمراحل تأسيس الحركة العمالية الفلسطينية وأحداث حرب 1947-1949، ورحلته في الشتات، وعن تجربته في ميدان العمل التنظيمي الجماهيري والمهني، وأطر سياسية وشعبية عدة.
الأجيال الصاعدة
وقد أهداني الراحل اليماني أبو ماهر كتابا ألفه عن قريته سحمتا في منتصف التسعينيات حيث كنت أزوره باستمرار في منزله على أطراف الجامعة العربية والمقابل للملعب البلدي في بيروت التي أحبها، وقد عرضت للكتاب حينها في صحيفة “النهار” اللبنانية وملخصه أن سحمتا هي بحجم وطن الراحل اليماني فلسطين بمساحتها البالغة 27009 كيلومترات مربعة.
إن سيرة الراحل أحمد اليماني أبو ماهر رحمه الله إنما هي مثل يحتذى للأجيال الفلسطينية الصاعدة في النضال والعطاء الوطني والصادق وبذلك تتجذر هويتنا الوطنية وتترسخ فكرة جامعة للشعب الفلسطيني، وطن واحد وشعب واحدة وقضية واحدة وعادلة.
عن القدس العربي