في “إعلان القدس” الموقع الشهر الماضي من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن ، ورئيس الوزراء يائير لابيد ، والتي يعلن  من خلالها بايدن التزامه الشخصي الطويل الأمد بالنسبة للاتفاق السياسي ، تم  اقصاء  حل الدولتين إلى جملة واحدة في نهاية الوثيقة. الكرة فيما يتعلق بمستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هي إذا في يد الطرفين، وخصوصا في يد اسرائيل. السؤال هو هل القيادة الاسرائيلية تقود دولة إسرائيل بطريقة واعية لهدف قومي استراتيجي مقبول للمجتمع الإسرائيلي – (اليهودي والعربي.)

تظهر الاستطلاعات الجديدة التي أجريناها أن الجمهور الإسرائيلي لا يعي ان الدولة تخطو نحو واقع يمكن أن يقوض المشروع الصهيوني برمته ويضر به. واقع مصاب بالعمى فيما يتعلق بالتهديدات المستقبلية التي يمكن أن تؤثر على مصيرها وهويتها. يجب التأكيد على أنه حتى اليوم وخلافا لقرارات كثيرة للحركة الصهيونية ودولة إسرائيل منذ   نوفمبر 1947 إلى “رؤية ترامب للسلام” اعتباراً من كانون الثاني (يناير) 2020 – لم تتخذ أي حكومة في إسرائيل قراراً بتبني حل دولة واحدة، ولم يناقش الكنيست مثل هذا الاحتمال.

وفقاً للإدارة المدنية، اعتباراً من عام 2020، يشكل اليهود أقلية – حوالي 49 ٪ – من الإجمالي السكان غرب الاردن. هذا هو ثاني تغيير ديموغرافي يحدث في أقل من قرن – كان الأول في عام 1949 ، بعد حرب الاستقلال ، التي حولت اليهود الى الأغلبية في دولة إسرائيل التي تغطي 78٪ من البلاد.

لكن الانقلاب الديموغرافي لعام 2020 كان هادئاً بشكل مفاجئ على الرغم من مما يحمله من احتمالات متفجرة .

سلسلة من الاستطلاعات التي أجريناها في السنوات الأربع الماضية في المجتمع الإسرائيلي تعطي صورة كافية وشاملة لكل من مواقف الجمهور الإسرائيلي (اليهودي والعربي) فيما يتعلف بغهم الواقع والسيرورات المهمة التي تجري من تحت السطح.

يُعرّف غالبية الجمهور اليهودي في البلاد نفسه بأنه يميني ويصوت لأحزاب اليمين. وينعكس هذا في 72 كرسي لأحزاب اليمين في الكنيست الـ 24. ومع ذلك، فإن غالبية الجمهور اليهودي ترى  بضرورة الانفصال عن الفلسطينيين.َ

فحصنا دعم الجمهور اليهودي لحلول سياسية مختلفة في سبع استطلاعات أجريت في السنوات 2018-2022. طُلب من المُستطلَعين تحديد أي من الخيارات الأربعة يفضلون: اتفاق سياسي مع الفلسطينيين على مخطط دولتين لشعبين. فصل إسرائيلي أحادي الجانب عن الفلسطينيين، بما في ذلك إخلاء المستوطنات المعزولة، التجمع خلف الجدار الفاصل وبقاء الجيش الإسرائيلي في المنطقة حتى الوصول إلى تسوية دائمة، ضم منطقة يهودا والسامرة من جانب واحد ؛ او استمرار الوضع الراهن.

في الاستطلاع الأخير الذي أجريناه في حزيران (يونيو) 2022، وجدنا أن أكثر من 60٪ من اليهود يؤيدون حل الانفصال عن الفلسطينيين (اتفاق سياسي أو انفصال أحادي الجانب) وفقط 16٪ يؤيدون الضم أحادي الجانب للمناطق. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن نسبة دعم الانفصال عن الفلسطينيين تتآكل بمرور الوقت. ففي عام 2018، ما يقرب من ثلاثة أرباع الجمهور اليهودي دعم اتفاقاً سياسياً أو فصلاً، ولكن هناك تقلص من الاستطلاع الى اخر ، لم يتحرك مؤيدو فكرة الانفصال عن الفلسطينيين الى فكرة الضم أحادي الجانب ولكنهم انتقلوا الى فكرة او حل بقاء الوضع القائم .

واذا كان حوالي 10٪ ممن أيدوا هذا الخيار في عام 2018 ، فقد اصبحوا في عام 2022أكثر من 20٪  .

بقى التأييد لحل الضم مستقرا، باستثناء فترة قصيرة من الزمن – في النهاية2019 وبداية 2020 – حيث ارتفعت إلى حوالي 25٪ ، على ما يبدو بسبب  مخطط ترامب والدعوة العلنية لرئيس الوزراء في ذلك الوقت ، بنيامين نتنياهو ، لضم اراضي إلى إسرائيل.

في استطلاع سابق أجريناه في عام 2020، طلبنا التحقق من العلاقة بين الموقف من الحلول السياسية وبين التصويت لكتلة اليمين او اليسار، في الانتخابات التي أجريت في آذار (مارس) 2020. وجدنا أن التصويت لليمين لا يعني بالضرورة دعم حل الضم. ومن ناحية أخرى، فإن دعم حلول الفصل – دولتان أو الانفصال الأحادي – اشار الى إمكانية  توقع التصويت لكتل اليسار والمركز بشكل ملحوظ.

ففكرة حل الدولتين تشير الى مصوتي اليسار -المركز وفكرة الانفصال الأحادي تشير الى مصوتي اليمين.

وفي الاستطلاع الذي أجري في يونيو 2022 رأينا أنه على الرغم من أن غالبية الجمهور يفضل الحلول الانفصالية، فانه يظن ان الأغلبية لا تؤمن او تريد ذلك. أي أن الأغلبية تعتقد أنها أقلية.

يعتقد الجمهور اليهودي أيضًا أن الفلسطينيين غير مهتمين بحل الدولتين، على الرغم من أالمسوحات في السلطة الفلسطينية تظهر أنه على الرغم من التآكل الذي حدث مع فكرة الدولتين الا انها تزال أكثر فكرة شيوعا. ومع ذلك، فان الفلسطينيون   ينسحبون من فكرة الدولتين، وإذا كان معظمهم في الماضي يؤيد التسوية مع إسرائيل فاليوم أقل من ثلث الجمهور الفلسطيني يؤيدها.

لا يعتقد الجمهور اليهودي أن حل الدولتين ما زال قابلاً للتحقيق (أكثر من 60٪) والتفسير الأكثر شيوعًا لذلك هو أنه يعتقد أنه لا يوجد ولن يكون هناك شريك فلسطيني.

في الوقت نفسه، يعارض الجمهور اليهودي بشدة حل دولة واحدة من البحر إلى الأردن. بينما توجد معارضة حادة اكثر ( 80%)لدولة ديمقراطية واحدة مع حقوق متساوية لليهود والفلسطينيين، اما معارضة فكرة دولة غير ديمقراطية فيها حقوق إقامة للفلسطينيين وليس حقوق مواطن كاملة فهي أخف حدة وتصل الى 53%.   ومع ذلك، حوالي ثلث الجمهور اليهودي مستعد لقبول إمكانية قيام دولة يهودية غير ديمقراطية من البحر إلى نهر الأردن.

الجمهور اليهودي غير معني بدولة واحدة، لكنه غير منزعج على الإطلاق من احتمالية أن تصبح إسرائيل دولة كهذه. تعتقد الأغلبية (80٪) أننا بعيدون جدًا عن هذا الاحتمال أو من احتمال وجود دولة فصل عنصري، وأنه لا يوجد خوف من أننا سنصل إلى حالة مثل هذه. فجوة كهذه بين التوجهات في العالم – الذي يعتقد أن إسرائيل تقود سياسة ابرتهايد تجاه الفلسطينيين. –  وتوجهات الجمهور اليهودي التي  تعكس عقلية وادراك عاطفي، من خلال التنكر للواقع الديموغرافي تشير إلى وجود إدراك مشوه للحقائق.

يعتقد معظم الجمهور اليهودي أن هناك أغلبية واضحة – 62٪ أو أكثر – من اليهود من البحر إلى الأردن (في منطقة ارض إسرائيل الانتدابية، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة).، على الرغم من حقيقة وجود أقلية يهودية اليوم في أراضي فلسطين الانتدابية.

يبرز هذا التفاوت في ضوء حقيقة أنه إذا تم إنشاء دولة واحدة، فإن الغالبية العظمى من الجمهور اليهودي يؤمن أنه يجب أن تكون هناك أغلبية – على الأقل 70٪ – من اليهود لكي تحافظ إسرائيل تعريف نفسها كدولة يهودية.

من ناحية أخرى يعتقد المواطنون العرب في إسرائيل أننا قريبون من دولة واحدة، ونصفه يعتقد أننا بالفعل في دولة واحدة، تنعدم فيها مساواة الحقوق بين اليهود والعرب. يفضل الجمهور العربي في الغالب اتفاقًا سياسيًا بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن مثل الجمهور اليهودي فهو لا يعتقد أن مثل هذه الاتفاقية ما زالت ممكنة.

في العامين الماضيين، تقريبا انعدم الجدل السياسي بين أنصار تقسيم الأرض وبين أنصار إسرائيل كاملة. لقد تم إسقاط الموضوع من العناوين الرئيسية ويبدو أنه غير مثير للاهتمام لاي شخص.

 على ارض الواقع، التغيرات الكبيرة الحاصلة فشلت في اختراق حجاب الإنكار. حيث تظهر الاستطلاعات التي أجريناها على مر السنين أن الجمهور الإسرائيلي (وربما القيادة تسير بشكل أعمى نحو واقع لا تريده على الإطلاق.

الإسرائيليون ليسوا على علم بالعملية الزاحفة لإنشاء دولة واحدة التي يعارضونها. إنهم ينفون الواقع الديموغرافي الذي لا يسمح بوجود دولة يهودية وديمقراطية بين البحر والأردن. إنهم غير مدركون للتغييرات المهمة في التوجهات العالمية فيما يتعلق بـ “الوضع الراهن” والحساسية المتزايدة في العالم تجاه   عدم المساواة.

كتب يهوشافاط هركابي في كتابه الصادر عام 1986 “قرارات المصير”: “أنا اعترف بالحق الديمقراطي لليهود في إسرائيل بجلب الانتحار القومي على أنفسهم. إذا كان الأمر كذلك، سأسير معهم. ومع ذلك، وبقدر ما أستطيع، سأطلب تحذيركم من ذلك “,

نحن أيضا نرغب ان نضع أمام الجمهور والقيادة إشارة تحذير حول احتمال تحول إسرائيل ب

الى دولة واحدة غير متكافئة وغير متساوية بين البحر والأردن. نحن لا نحذر من الحق الديمقراطي للجمهور الإسرائيلي في تقرير مصيره، ولكن نحذر من الانجراف اللا واعي نحو واقع لا رغبة فيه وحتى ان الحكومة والكنيست لم تتخذ قرارا فيه.

دولة إسرائيل تبحر بشكل أعمى نحو جبل جليدي، ولكن ما زال يمكننا الاستيقاظ وتغيير الاتجاه ومنع الاصطدام به.

____ ___

برفسور هيرشبرجر- محاضر لعلم النفس جامعة رايخمان

برفسور راقش هبلر – محاضرة في نظام الحكم بجامعة رايخمان

د. ارائيلي محاضر خارجي في جامعة رايخمان.

(الترجمة عن هآرتس)

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *